آخر الأخبار

تقرير: الجيش الإسرائيلي يشجع جنوده على تبني أفكار المستوطنين

ينفذ الجيش الإسرائيلي مشروعا، يطلق عليه تسمية “في الطريق إلى يهودا”، يدعو من خلاله جنوده والجمهور الإسرائيلي إلى مواقع أثرية وبؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك في المناطق A وB، التي تخضع للسلطة الفلسطينية، من خلال مجموعات واتسآب وتليغرام وحسابات في إنستغرام ويوتيوب.

ويشكل المشروع “قناة دعائية للمستوطنين” وينشر معلومات حول مواقع قُتل فيها جنود الاحتلال، وفق ما ذكرت صحيفة “هآرتس” اليوم، الثلاثاء. وينشر مقاطع فيديو تشمل توصيات لزيارة مناطق مختلفة وإعلانات دعائية لمصالح تجارية خاصة، ودعاية سياسية وسرديات تاريخية وأثرية “يفتقر قسم منها إلى أساس علمي. ويقدم هذه المضامين ضباط وجنود ومرشدون سياحيون وعلماء آثار وشخصيات سياسية من المستوطنات”.

وأسس هذا المشروع مستوطن من “لواء يهودا” في الجيش، واستمر في قيادة المشروع خلال خدمته العسكرية في قوات الاحتياط، “من خلال دعم كامل من جانب ضباط كبار”، وفقا للصحيفة. ويتحدث في مقطع فيديو نُشر في يوتيوب كل من قائد “لواء يهودا”، شاحار بركاي، وقائد “لواء السامرة”، أريئيل غونين، ونائبيهما، وقالت قائدة الوحدة الإعلامية في القيادة الوسطى للجيش الإسرائيلي، في مقطع الفيديو، إنه “أرى بعد الجولات كيف تتعزز العلاقة والقدرة على تنفيذ المهمة من خلال إدراك واسع لهذا المكان”، ويقول ضابط آخر في نهاية مقطع الفيديو إنه “نحن هنا لأن هذه هي المعالم المجيدة لشعب إسرائيل”.

وكان موقع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قد نشر تفريرا حول المشروع، في تموز/يوليو من العام الماضي، جاء فيه أنه “كان للرقيب أول إيليا حلم كبير، بربط أي جندي ومواطن وسائح موجد في منطقة لواء يهودا بتراث وتاريخ هذه المنطقة، بهدف شق تمر في معالم مميزة في المنطقة، بدءا من أحداث تاريخية في فترة التوراة، ومرورا بقصص من فترة ما قبل قيام وحتى المعارك التي دارت في فترة دولة إسرائيل، كي تربط أكثر ما يمكن من الجنود بجوهر المهمة، وإعطاء إجابة على السؤال: لماذا نحن هنا؟”.

ويوجد في مواقع المشروع في الشبكات ويوتيوب عدد كبير من مقاطع الفيديو التي تدعو الجنود والجمهور لزيارة مواقع، بينها “المتحف القومي السامري” في قلب مدينة نابلس ، وأنه قريب من قبر يوسف، ويدعو مقطع فيديو آخر إلى زيارة بركة في قلب قرية في المنطقة A، من خلال ربطها بأسطورة توراتية.

وتدعو مقاطع فيديو أخرى الجنود والجمهور إلى زيارة بؤر استيطانية عشوائية، وعيون ماء كان يستخدمها الفلسطينيون إلى حين سيطرة المستوطنين عليها، وكُنس تقع داخل قرى فلسطينية وأماكن أخرى.

وتوفر قناة “لواء يهودا” منصة لقادة المستوطنين، الذين يروون أساطير توراتية كأنها حقائق تاريخية، ويتحدث المستوطن المتطرف والمتحدث باسم البؤرة الاستيطانية في مدينة الخليل، نوعام أرنون، في مقطع فيديو، عن ذكر التوراة لوجود يعقوب في مغارة المكفيلة في الحرم الإبراهيم. ويضيف أرنون أمام جنود أن “الاسم يعقوب تحول إلى إسرائيل. والاسم إسرائيل هو المصدر لكل التطورات التاريخية لشعب إسرائيل، ولأرض إسرائيل، وتوراة إسرائيل، وفي أيامنا لدولة إسرائيل ولحكومة إسرائيل ولجيش إسرائيل ولكنيست إسرائيل”.

ويتحدث مرشد سياحي مسلح ويرتدي زيا عسكري عن أسطورة “تمرد بار كوخبا” ضد الرومان، في القرن الثاني الميلادي، ويتساءل إذا كان التمرد مجديا، ثم يزعم أنه قُتل مئات آلاف الأشخاص. وفيما يظهر خلفه علم إسرائيل مرفوعا في قرية فلسطينية، يدعي أن “كل شيء كان مجديا من أجل أن نكون أحرارا في بلادنا، ومن أجل الحرية”.

ويشغل “لواء السامرة” في الجيش الإسرائيلي قناة مشابهة باسم “في الطريق إلى السامرة”، وتنشر فيه مقاطع فيديو، وأحدها للموقع الأثري في قرية سوسيا ويدعي فيه مستوطن يوصف بأنه مرشد سياحي أن حمامات في المكان كانت مغاطس لليهود.

وازداد انتشار المشروع خلال الحرب على غزة . ونقلت الصحيفة عن ضابطة إسرائيلية في الاحتياط في “لواء السامرة”، قولها إنه تم نشر مقاطع فيديو في إطار المشروع منذ العام 2022 في مجموعة واتساب لجنود في كتيبة “ولم يعبر أحد عن انتقاد. وهناك مستوطن يخدم في قوات الاحتياط في اللواء وهو المسؤول عن المشروع السياحي” الاستيطاني.

وأضافت أنه “يرسلون إلينا برامج تربوية أسبوعيا وبإمكان الجنود أن يخرجوا إلى جولة في المنطقة أثناء خدمتهم في الاحتياط. وحتى إذا لم ترغب بالخروج إلى جولة كهذه، قد تجد نفسك في حدث تنظمه كتيبة أو اللواء في أحد مواقع التراث، أو أن ضباط الكتيبة يخرجون لحراسة صلاة (يهودية) في قرية فلسطينية. وبالفعل، يصعب وصف هذه الأنشطة بأنها ’تطبيع’ لأن هذا عمى مطلق تجاه الأيديولوجية الموجودة خلف هذا المشروع وتُدفّع الفلسطينيين في المنطقة ثمنا باهظا”.

وعقبت منظمة “عمق شبيه” التي تنشط ضد استخدام علم الآثار في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، أن “الربط بين الزي العسكري والأيديولوجيا الاستيطانية معروف، والجديد هنا هو الشكل العلني والفظ الذي يستخدمه المستوطنون من أجل التأثير على الجمهور الأسير، أي جنود شبان الذين يتلقون بواسطة مواقع تراث أفكارا يمينية ودينية من أشخاص يخضعون لإمرتهم”.

وأضافت المنظمة أن “على الجميع أن يعلم أن السيطرة اكتملت وأن الجيش الإسرائيلي تحول إلى أداة في خدمة جمهور سياسي واحد ووحيد (أي المستوطنين). ومنذ الآن فصاعدا لا يتم إرسال أبناءكم لحراسة مواقع تاريخية أو متدينين يهود يأتون إلى قبر يوسف، وإنما أيضا من أجل أن يرتبطوا بأنفسهم بتلك المواقف”.

زر الذهاب إلى الأعلى