رويترز: حماس تعزز سيطرتها في غزة بهذه الآلية مع تأخر محادثات ما بعد الحرب
قال سكان وتجار في قطاع غزة إن حركة حماس تعمل على تعزيز قبضتها الإدارية على المناطق الخاضعة لسيطرتها، عبر مراقبة حركة البضائع وتنظيم الأسعار وفرض رسوم على بعض السلع، وذلك في وقت تتباطأ فيه الجهود الأميركية لتنفيذ خطة مستقبل غزة، ما يثير الشكوك حول استعداد الحركة لتسليم الإدارة كما أعلنت سابقاً.
وبحسب شهادات نقلتها وكالة “رويترز”، استعادت حماس سريعاً السيطرة على المناطق التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية بعد بدء وقف إطلاق النار الشهر الماضي، ونفّذت أحكاماً ميدانية بحق فلسطينيين اتُّهموا بالتعاون مع إسرائيل أو بالسرقة. كما أكد عشرة من السكان، بينهم تجار، أن سلطات الحركة تتابع دخول البضائع وتفرض غرامات على التجار المتلاعبين بالأسعار.
في المقابل، نفى إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فرض ضرائب جديدة على السجائر أو الوقود، مؤكداً أن عمل المؤسسات يقتصر على تسيير الخدمات الإنسانية، وأن هناك جهوداً لضبط الأسعار وتنظيم حركة البيع. وشدد على أن الحكومة في غزة جاهزة لتسليم مهماتها إلى إدارة تكنوقراط فور الاتفاق على آليات التنفيذ، حرصاً على انتقال سلس يحفظ استمرارية الخدمات.
وتشهد الأسواق ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار بسبب نقص البضائع، وفق تجار، بينما يشتكي السكان من تقلب الأسعار وصعوبة الأوضاع المعيشية مع اقتراب فصل الشتاء.
وتأتي هذه التطورات بينما تواجه خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعثراً، رغم بدء وقف إطلاق النار وإطلاق سراح آخر الأسرى الإسرائيليين الأحياء. وتشمل الخطة إنشاء سلطة انتقالية ونشر قوة متعددة الجنسيات ونزع سلاح حماس، إلا أن مصادر متعددة رجّحت ازدياد احتمالات تقسيم غزة بحكم الأمر الواقع بين مناطق تسيطر عليها إسرائيل وأخرى تديرها حماس، مع استمرار الانتشار العسكري الإسرائيلي في أكثر من نصف مساحة القطاع.
ويعيش معظم سكان غزة، البالغ عددهم نحو مليوني نسمة، في مناطق تديرها حماس منذ عام 2007. ويرى باحثون، منهم غيث العمري من “معهد واشنطن”، أن الحركة تسعى لإظهار أنه لا يمكن تجاوزها سياسياً، فيما قالت وزارة الخارجية الأميركية إن “هذا السلوك يؤكد أن حماس لن تحكم غزة”، مشيرة إلى تقدم في تشكيل القوة الدولية المتوقعة ضمن خطة ترامب.
وتضغط السلطة الفلسطينية للحصول على دور في الإدارة الجديدة، بينما ترفض إسرائيل عودتها إلى حكم غزة، وسط خلافات بين فتح وحماس حول شكل الهيكل الإداري المقبل. ويقول مسؤولون في فتح إن إجراءات حماس تشير إلى رغبتها في البقاء في الحكم.
وتؤكد مصادر تجارية أن مسؤولي الحركة يراقبون كل الشحنات عبر نقاط التفتيش، ويسجلون الواردات ويفرضون غرامات على المتجاوزين، في وقت يستمر فيه تدفق محدود للمساعدات رغم تدهور الوضع المعيشي.
ورغم خسارة الحركة آلاف الموظفين خلال الحرب، يقول الثوابتة إن من تبقى من الكوادر الحكومية مستعد للتعاون مع أي إدارة جديدة. وتشير مصادر مطلعة إلى أن حماس واصلت دفع رواتب الموظفين خلال الحرب، لكنها خفّضت السقف الأعلى إلى 1500 شيقل شهرياً، وعينت بدلاء لمسؤولين قُتلوا، بينهم محافظون وأعضاء في المكتب السياسي.
ويرى محللون أن الحركة تستغل بطء تطبيق الخطة الأميركية لتعزيز سيطرتها، وسط غياب أي بديل إداري جاهز، ما يجعل بقاء الوضع الحالي مرجحاً إلى حين التوصل إلى ترتيبات سياسية جديدة.








