صحيفة : مفاوضات بالدوحة على آلية تنفيذ اتفاق وقف النار في غزة

توقّع مصدران فلسطينيان مقرّبان من حركة حماس أن تنطلق خلال الساعات القادمة جولة مفاوضات غير مباشرة في العاصمة القطرية الدوحة بين وفدي الحركة وإسرائيل، بهدف مناقشة آليات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار المقترح في قطاع غزة.
وقال المصدران في تصريحات خاصة لقناة “الشرق” إن الجهود التي تبذلها الأطراف الوسيطة — القاهرة، الدوحة، وواشنطن — مستمرة من أجل تثبيت موعد بدء المفاوضات، مشيرين إلى احتمال وصول الوفدين مساء السبت أو الأحد.
آليات التنفيذ تحت المجهر
أوضح أحد المصدرين أن المفاوضات ستُركز على التفاصيل التنفيذية لبنود الاتفاق، والتي وصفها بأنها “معقّدة”، خاصة فيما يتعلق بترتيبات تبادل الأسرى والرهائن، وانسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق في غزة.
وبحسب المقترح المعدل، من المقرر أن تبدأ العملية بالإفراج عن 10 محتجزين إسرائيليين أحياء وتسليم عدد من الجثامين على دفعتين، في الأسبوعين الأول والخامس من الهدنة الممتدة لـ60 يوماً.
تطمينات أمريكية لحماس
أضاف مصدر آخر أن حماس تلقت “تطمينات” من الوسطاء، وخصوصاً من الجانب الأميركي، بالأخذ بملاحظاتها، مشيراً إلى أن الحركة وافقت على المقترح كمبدأ، وتقدّمت به كمنصة لبناء الاتفاق.
ووفق المعلومات، طالبت حماس بتعديل آلية إدخال المساعدات، بحيث تُدار حصراً عبر مؤسسات تابعة للأمم المتحدة والهلال الأحمر، لا من خلال “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة أميركياً، والتي حمّلتها مسؤولية مقتل مئات الفلسطينيين نتيجة تنسيقها مع الجيش الإسرائيلي.
مطالب حماس: انسحاب كامل ووقف دائم
وشملت مطالب الحركة أيضاً ضمان إدخال مساعدات شاملة تشمل الغذاء والدواء والوقود، بالإضافة إلى معدات ثقيلة للدفاع المدني وإعادة إعمار البنية التحتية الأساسية، مثل المستشفيات ومحطات المياه والكهرباء.
وطالبت حماس بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع، بما يشمل محور صلاح الدين الحدودي مع مصر، مع ضمانات بعدم استئناف العمليات القتالية طوال فترة المفاوضات، التي تأمل أن تُفضي إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار.
ترامب يلوّح بإعلان الاتفاق
بحسب المصدرين، يرجّح أن يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسمياً عن التوصل للاتفاق يوم الإثنين، إيذاناً ببدء سريان الهدنة، وبدء تنفيذ التبادل وفق “آلية خالية من الطيران الإسرائيلي بكافة أنواعه” طيلة الفترة المتفق عليها.
وأكدت حماس التزامها الكامل بتنفيذ الاتفاق طالما التزمت به إسرائيل، وقالت إنها ستُسلم إدارة القطاع مؤقتاً إلى “لجنة الإسناد المجتمعي” لضمان عودة الحياة وتقديم الخدمات وضبط الأمن.
تساؤلات داخل إسرائيل
في المقابل، أثار رد حماس جدلاً داخل إسرائيل بشأن تفاصيل التنفيذ، من بينها هوية المحتجزين العشرة والجثامين الـ18 التي سيتم تسليمها، إضافة إلى طبيعة الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم، خاصة من صدرت بحقهم أحكام مؤبدة.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤولين قولهم إن إسرائيل سترفض الإفراج عن “رموز” من حماس، وإن هذا قد يمثل نقطة خلاف تعرقل تطبيق الاتفاق.
كما تتواصل الخلافات بشأن الجهة المخولة بإدارة توزيع المساعدات، إذ تصر إسرائيل على استمرار دور “مؤسسة غزة الإنسانية”، بينما تصر حماس على استبعادها.
الانسحاب الإسرائيلي ومساحة الجدال
تتضمن مسودة الاتفاق انسحاباً مرحلياً للجيش الإسرائيلي، يبدأ بإعادة الانتشار شمال القطاع، ثم في محوري نتساريم والجنوب بعد أسبوع. وتطالب حماس بانسحاب يشمل جميع المناطق المحتلة بعد 7 أكتوبر 2023، بينما تتمسك إسرائيل بالاحتفاظ بمحيط أمني داخل غزة بعمق 1.2 كم، أي بزيادة 250 متراً عن المقترح السابق.
مشهد ضبابي وانتظار اللحظة الحاسمة
وفيما تتجه الأنظار إلى الدوحة، يُنتظر أن تكشف المفاوضات المرتقبة حجم الهوة بين الطرفين، وسط ضغوط أميركية ودولية متزايدة لإبرام اتفاق يضع حداً لحرب دموية أودت بحياة أكثر من 193 ألف فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، وأغرقت غزة في أزمة إنسانية غير مسبوقة.