الاتحاد الأوروبي يعقد “اجتماعا حاسما” غدا لبحث تصاعد الأزمة في غزة

يعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، يوم غدٍ الإثنين، اجتماعًا حاسمًا في بروكسل لبحث تداعيات الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، وسط دعوات متصاعدة داخل التكتل الأوروبي لمراجعة العلاقات السياسية والاقتصادية القائمة مع إسرائيل.
وسيناقش الاجتماع المرتقب مدى التزام إسرائيل ببنود اتفاقية الشراكة الموقعة مع الاتحاد، لا سيما المادة الثانية التي تنص على احترام حقوق الإنسان كشرط أساسي في العلاقات الثنائية، وذلك في ظل تقييم رسمي أعده جهاز العمل الخارجي الأوروبي يشير إلى “مؤشرات موثوقة” على خروقات إسرائيلية جسيمة، منها عرقلة دخول المساعدات الإنسانية، والهجمات على منشآت طبية، وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين.
تحوّل سياسي داخل أوروبا
وتأتي هذه التطورات في سياق تحوّل ملحوظ داخل الاتحاد، قادته هولندا ودعمته دول مثل فرنسا وإسبانيا والسويد، وسط تزايد المطالبات باتخاذ خطوات ملموسة للضغط على إسرائيل، بما في ذلك تعليق التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، استنادًا إلى رأي استشاري صادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو 2024 يؤكد عدم شرعية المستوطنات.
وكان وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب قد دعا في مايو الماضي إلى تفعيل المادة الثانية من الاتفاقية، وتبعته في ذلك 17 دولة من أصل 27، مقابل رفض 9 دول، بينما اتخذت لاتفيا موقفًا محايدًا.
وفي خطوة رمزية، أصبحت أيرلندا في 27 مايو أول دولة أوروبية تقر قانونًا يحظر استيراد بضائع وخدمات من المستوطنات، فيما أعلنت السويد لاحقًا دعمها لفرض عقوبات على وزراء إسرائيليين متهمين بالتحريض على العنف.
تقييم داخلي وانتظار قرارات سياسية
ورغم قوة التقييم الذي أعده الجهاز الدبلوماسي الأوروبي، فإنه لم يتضمن توصية مباشرة بتعليق الاتفاق أو فرض عقوبات، بل سيُعرض خلال اجتماع الإثنين لمناقشة الخيارات السياسية الممكنة، بما يشمل تعديل الاتفاقية أو تقييد التعاون في مجالات علمية وتجارية.
وتُعدّ العلاقات التجارية بين الاتحاد وإسرائيل ذات أهمية كبرى، إذ بلغت قيمة التبادل التجاري بينهما العام الماضي أكثر من 42 مليار يورو، بينما لا تزال نسبة التجارة المرتبطة بالمستوطنات غير واضحة.
خطوات دولية موازية
بالتوازي مع التحركات الأوروبية، فرضت دول خارج الاتحاد مثل النرويج، وكندا، وبريطانيا، وأستراليا، عقوبات على وزراء إسرائيليين مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، شملت تجميد أصولهم ومنعهم من السفر، بسبب تصريحاتهم التحريضية ضد الفلسطينيين. كما علقت لندن مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل واستدعت سفيرتها بسبب التصعيد في غزة.
عقبات أمام قرارات موحدة
ورغم الزخم السياسي المتنامي، تُواجه أي قرارات أوروبية موحدة عقبة أساسية تتمثل في ضرورة الإجماع الكامل بين الدول الأعضاء لاتخاذ خطوات تتعلق بالسياسة الخارجية والأمنية المشتركة، مثل فرض العقوبات. لكن من ناحية أخرى، فإن تفعيل آليات الأغلبية المؤهلة قد يسمح بتمرير تعديلات على اتفاقية الشراكة أو تعليق برامج التعاون الثنائي دون الحاجة إلى توافق تام.
ويُعدّ الاجتماع المرتقب غدًا اختبارًا جديًا لقدرة الاتحاد الأوروبي على ترجمة مواقفه القانونية والإنسانية إلى إجراءات ملموسة تجاه إسرائيل، في ظل تنامي الغضب الشعبي داخل أوروبا من استمرار الحرب على غزة، وارتفاع عدد الضحايا، وتفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع المحاصر.