كشف تقرير صادر عن هيئة الدفاع العام في إسرائيل، اليوم الخميس، 04 ديسمبر 2025، عن تدهور غير مسبوق في ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وسط شهادات واسعة عن “جوع حاد” وفقدان كبير للوزن، وظروف احتجاز وُصفت بأنها “لا تصلح للمعيشة”.
ووفق التقرير الذي استند إلى سلسلة زيارات أجراها مندوبو الهيئة الإسرائيلية لعدة سجون خلال عامي 2023 و2024، فقد اعتمدت مصلحة السجون الإسرائيلية قائمة طعام منفصلة و”فقيرة للغاية” لهؤلاء الأسرى بعد اندلاع الحرب، ما أدى إلى “هزال شديد، وضعف جسدي واضح، وحالات إغماء متكررة”.
كما بيّن التقرير أن الاكتظاظ تفاقم بفعل الارتفاع الحاد في عدد المعتقلين، إذ يُحتجز 90% منهم في مساحة تقلّ عن ثلاثة أمتار مربعة للأسير الواحد، بينما نام آلاف الأسرى دون أي سرير.
وتشير المعطيات إلى أنّ الأسرى يُحتجزون 23 ساعة يوميًا داخل زنازين مكتظة ومغلقة، ينام كثيرون منهم على فرشات موضوعة على الأرض، فيما تفتقر الزنازين للإضاءة والتهوية وتُسجَّل فيها أوضاع صحية سيئة للغاية.
ويذكر التقرير أن الأسرى لا يُسمح لهم بالاحتفاظ بأي مقتنيات شخصية باستثناء نسخة من القرآن الكريم، في حين تُزوّدهم إدارة السجون بكميات محدودة من مواد النظافة الأساسية، مثل الصابون والمناشف وورق المراحيض.
ولفت تقرير الهيئة التابعة لوزارة القضاء الإسرائيلية إلى انتشار واسع لمرض “الجرَب” (سكابيس) في عدة أقسام، إلى درجة اتُّصفت بـ”الوبائية”، ما أدى إلى إصابة عدد كبير من الأسرى.
كما أظهر التقرير فجوة كبيرة بين ظروف الأسرى الجنائيين والأمنيين، إذ يقبع 35% فقط من الجنائيين في مساحة تقل عن ثلاثة أمتار مربعة، مقارنةً بـ90% من الأسرى، رغم أن المحكمة العليا الإسرائيلية أقرّت عام 2018 حدًّا أدنى يبلغ 4.5 أمتار مربعة لكل أسير.
ووفق التقرير، ارتفع عدد المعتقلين بشكل لافت منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وزاد بنحو 3,000 معتقل خلال شهرين فقط، ليصل أواخر عام 2024 إلى حوالي 23 ألف أسير، رغم أن القدرة الاستيعابية الرسمية لا تتجاوز 14,500.
وبحلول نهاية 2024، كان أكثر من 4,500 سجين، بينهم 3,200 أسير (“أمني”)، يمضون ليلتهم دون سرير.
وقد وثّق مندوبو الهيئة أوضاعًا صادمة في عدة سجون. ففي سجن رامون، على سبيل المثال، وُجدت زيادة بنحو 387 معتقلًا فوق الحد المسموح، واحتُجز 11 أسيرًا في زنزانة واحدة لا تتجاوز مساحتها مترين للفرد، بينما نام ثلاثة إلى خمسة منهم على الأرض.
وفي سجن مجيدّو، تجاوز عدد الأسرى الحدّ المسموح بـ520 معتقلًا، مع وجود 12 أسيرًا في زنزانة مساحتها 23 مترًا مربّعًا تشمل المرحاض والحمام، وكان نصفهم ينام على الأرض.
ورصد التقرير شكاوى متكررة عن “جوع حاد” و”تراجع كبير في الوزن”، إضافة إلى تقييد الوصول إلى مياه الشرب في بعض الأقسام، رغم قرار قضائي صدر في أيلول/ سبتمبر الماضي يلزم مصلحة السجون بتوفير الغذاء المناسب للحفاظ على صحة الأسرى.
وأشارت الهيئة إلى أن شكاوى الأسرى وملاحظات منظمات حقوقية لم تُغيّر من الواقع، بل إن بعض الأسرى أكدوا أن كميات الطعام تقلّصت لاحقًا.
ويؤكد التقرير أن العديد من الأسرى تحدّثوا عن “عنف منتظم وممنهج” من جانب الحراس، يشمل تفتيشات مصحوبة بالضرب، وإيذاء أثناء نقل الأسرى بين الأقسام أو أثناء نقلهم للمحاكم. وتقول الهيئة إن هذا العنف لا يرتبط عادةً بحوادث تستوجب استخدام القوة.
كما وجّهت الهيئة انتقادات شديدة لاحتجاز معتقلين في محطات الشرطة بسبب نقص الأماكن في السجون، مؤكدة أن زيارة 12 محطة شرطة أظهرت غياب الحدّ الأدنى من شروط الاحتجاز، من النظافة إلى التهوية والطعام والخدمات الطبية. وأشار التقرير إلى أن مصلحة السجون استجابت أحيانًا لملاحظات الهيئة، واتخذت خطوات لتحسين بعض الظروف، إلا أن الانتهاكات الجوهرية بقيت قائمة وممتدة.








