أقلامخاص المواطن

الوحدة الفلسطينية المؤجلة: ما الذي يعيق اتفاق حماس وفتح؟

خاص المواطن – نور الحلو

في خضم الدمار الذي يعيشه قطاع غزة اليوم حيث تشتد آلة الحرب الإسرائيلية في قصفها المستمر وتزداد المعاناة الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة، يظل الفلسطينيون عالقين بين نيران الاحتلال وصراع داخلي متجذر بين حركتي فتح وحماس ورغم المحاولات المتكررة لإنهاء هذا الانقسام الذي أرهق المشروع الوطني الفلسطيني لا تزال الوحدة الفلسطينية مؤجلة ومعلقة على خلافات سياسية وأيديولوجية وصراعات على النفوذ والمصالح إلى جانب تدخلات خارجية تعمّق الانقسام.

غزة تحترق والانقسام مستمر

اليوم يعيش أهالي غزة كارثة إنسانية حقيقية حيث الحصار المشدد والقصف المتواصل والنقص الحاد في الغذاء والدواء وانهيار شبه كامل للبنية التحتية يُدفن الضحايا تحت أنقاض منازلهم والمستشفيات التي يعتقدها الجميع انها مكان للعلاج (خيام ) تكتظ بالمصابين بينما يُترك الملايين لمصير مجهول في ظل غياب أي أفق سياسي يضع حدًا لهذه المأساة.

وسط هذه المشاهد الدامية يتساءل الفلسطيني العادي: ألم يحن الوقت لإنهاء الانقسام؟ ألم تدرك الحركتان أن وحدتهما هي السلاح الأقوى في مواجهة الاحتلال؟ لكن الإجابة كما يبدو لا تزال بعيدة المنال حيث تغلب الحسابات السياسية والحزبية على الضرورات الوطنية العاجلة.

صراع السلطة أم صراع المبادئ؟

منذ عام 2007 انقسمت الساحة الفلسطينية إلى كيانين منفصلين: سلطة فلسطينية تدير الضفة الغربية بقيادة حركة فتح وكيان في قطاع غزة تحت سيطرة حركة حماس وعلى مدار أكثر من 15 عامًا فشلت جهود المصالحة مرارًا بسبب تعارض البرامج السياسية والأيديولوجية لكل منهما ففتح التي تتبنى نهج التسوية والتفاوض ترى أن المسار السياسي هو الحل لاستعادة الحقوق الفلسطينية بينما تؤمن حماس بالمقاومة المسلحة والدخول بحروب استنزافية كطريق أساسي للتحرير.

لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن الصراع لم يعد فقط على “النهج” بل تحول إلى صراع على السلطة والشرعية فكل طرف يسعى لترسيخ وجوده السياسي والإداري في حين يدفع الشعب الفلسطيني الثمن الأكبر.

التدخلات الخارجية: تعزيز للانقسام أم مفتاح للحل؟

لا يمكن إغفال الدور الذي تلعبه القوى الإقليمية والدولية في استمرار هذا الانقسام فتح تتلقى دعمًا سياسيًا وماليًا من دول غربية وعربية ترى في السلطة الفلسطينية شريكًا في عملية السلام بينما تتلقى حماس دعمًا من أطراف أخرى ترى في مشروعها الإسلامي والمقاوم بديلًا عن مسار التسوية هذه التدخلات جعلت المصالحة الفلسطينية أكثر تعقيدًا حيث بات كل طرف أسيرًا لأجندات داعميه.

محاولات المصالحة: اتفاقات لم ترَ النور

شهدت السنوات الماضية العديد من الاتفاقات بين الحركتين مثل اتفاق القاهرة 2011 واتفاق الشاطئ 2014 إلى جانب محاولات وساطة عربية ودولية لكن كل هذه الجهود باءت بالفشل يعود ذلك إلى غياب الثقة المتبادلة وعدم وجود إرادة سياسية حقيقية لتنفيذ هذه الاتفاقات إضافة إلى تعقيدات الملفات العالقة مثل إدارة الأجهزة الأمنية، والانتخابات، ودمج مؤسسات الحكم.

الوحدة الوطنية: ضرورة أم خيار سياسي؟

في ظل الحرب المستمرة في غزة لم يعد تحقيق الوحدة الفلسطينية مجرد خيار سياسي بل أصبح ضرورة ملحة لإنقاذ القضية الفلسطينية من التفكك فالاحتلال الإسرائيلي يستغل هذا الانقسام لفرض وقائع جديدة على الأرض سواء من خلال توسيع الاستيطان في الضفة الغربية أو محاولة تصفية المقاومة في غزة.

إن استمرار الانقسام لا يخدم إلا الاحتلال بينما يعمّق من معاناة الفلسطينيين الذين باتوا يدفعون ثمن الخلافات الداخلية من أرواحهم وأرضهم ومستقبلهم.

إلى متى ستظل الوحدة مؤجلة؟

ما يجري اليوم في غزة هو جرس إنذار أخير للطرفين فإما أن يدرك القادة الفلسطينيون أن وحدتهم هي السبيل الوحيد للصمود في وجه الاحتلال أو أن يستمر هذا الانقسام ليقود القضية الفلسطينية إلى مزيد من التراجع الشعب الفلسطيني يستحق قيادة موحدة تضع مصالحه فوق المصالح الحزبية وتنهي صراعًا بات عبئًا ثقيلًا على الجميع.

فإلى متى ستظل الوحدة الفلسطينية مؤجلة؟

زر الذهاب إلى الأعلى