“حشد” ترسل نداء عاجل إلى الأمم المتحدة لوقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة

أرسلت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) نداءً عاجلاً إلى الأمم المتحدة وعدد من الجهات الدولية والإقليمية، داعية إلى تحرك فوري وفاعل من أجل وقف حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة، ورفع الحصار المشدد، وفتح ممرات إنسانية آمنة لضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين، في ظل الكارثة المتفاقمة التي تشهدها المنطقة منذ أكثر من 580 يوماً.
جاء ذلك في مذكرة رسمية وجهتها الهيئة بتاريخ 10 أيار/مايو 2025، إلى عدد من الجهات المعنية، وهي: الأمين العام للأمم المتحدة، المبعوث الخاص للأمم المتحدة، رئيس مجلس حقوق الإنسان، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جامعة الدول العربية، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الاتحاد الأوروبي، الاتحاد الأفريقي، والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف.
كارثة إنسانية غير مسبوقة
وأكدت الهيئة في مذكرتها أن المدنيين في قطاع غزة يواجهون كارثة إنسانية شاملة في ظل استمرار العدوان العسكري الإسرائيلي والحصار المشدد، مشيرة إلى أن الاحتلال ارتكب أكثر من 12,000 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية، وأسفرت الحرب عن استشهاد نحو 65,000 شخص، من بينهم 52,615 شهيداً تم الإعلان عنهم رسميًا، يشكل الأطفال والنساء أكثر من 70% منهم (18,000 طفل و12,400 امرأة). كما تم إبادة 2,172 عائلة بالكامل ومسحها من السجل المدني.
وشملت الجرائم أيضًا استشهاد 1,402 من الكوادر الطبية، و214 صحفيًا، و113 من طواقم الدفاع المدني، و203 من موظفي وكالة الأونروا، إضافة إلى أكثر من 116,505 مصابًا، بينهم 4,700 حالة بتر، و17,000 بحاجة إلى إعادة تأهيل طويل الأمد. كما توفي مئات المدنيين تحت الأنقاض نتيجة منع طواقم الإنقاذ من الوصول إليهم، ونقص الوقود والمعدات، واعتُقل 6,633 فلسطينيًا، من بينهم 362 من الكوادر الطبية، و48 صحفيًا، و26 من طواقم الدفاع المدني.
واستخدم الاحتلال أكثر من 100,000 طن من المتفجرات، بينها أسلحة محرّمة دوليًا مثل الفسفور الأبيض، في قصف مناطق سكنية مكتظة بالسكان.
نزوح جماعي ومعاناة في الخيام
أوضحت الهيئة أن أكثر من 2 مليون فلسطيني، أي ما يعادل 75% من سكان القطاع، تعرضوا للنزوح القسري، وتكررت حالات التهجير لعدد كبير منهم. يعيش هؤلاء النازحون في ظروف غير إنسانية داخل خيام متهالكة أو مدارس ومبانٍ مدمرة، مع تسجيل 111,000 خيمة غير صالحة للسكن.
كما تم تسجيل أكثر من 2,136,000 إصابة بأمراض معدية، و71,338 إصابة بالتهاب الكبد الوبائي، نتيجة سوء الأوضاع الصحية. واستهدف الاحتلال 234 مركزًا للإيواء، بما في ذلك خيام النازحين في مواصي خان يونس. في الوقت نفسه، يصنف الاحتلال 90% من مساحة قطاع غزة على أنها “غير آمنة”، مما يعمق معاناة السكان.
انهيار تام للقطاع الصحي
وأبرزت الهيئة أن النظام الصحي في قطاع غزة يواجه انهيارًا شبه تام، حيث تم تدمير 38 مستشفى بالكامل وإخراجها من الخدمة، إضافة إلى استهداف 164 منشأة صحية و144 سيارة إسعاف. وتعمل المستشفيات المتبقية بأقل من 10% من قدرتها، في ظل انعدام الوقود والمستلزمات الطبية.
نتيجة لذلك، توفي العديد من مرضى السرطان والكلى وحديثي الولادة. ويواجه 12,500 مريض سرطان و1,000 مريض كلى خطر الموت الفوري، إلى جانب 350,000 مريض يعانون من أمراض مزمنة بسبب نقص الأدوية.
الجوع يفتك بالسكان
تحدثت الهيئة عن تفاقم أزمة الأمن الغذائي في غزة، في ظل استمرار إغلاق المعابر لليوم الـ67 على التوالي، ومنع دخول المواد الأساسية، بما في ذلك حليب الأطفال والمكملات الغذائية. يعيش أكثر من 2.1 مليون فلسطيني تحت خط الجوع الحاد، فيما وصلت نسبة السكان الذين يعيشون في المرحلة الثالثة وما فوق من مراحل انعدام الأمن الغذائي إلى 91%، وبلغ عدد من هم في المرحلة الخامسة (الحرجة) 345,000 شخص.
كما تم تسجيل وصول 70,000 طفل إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد، ويواجه 3,500 طفل خطر الموت الوشيك، إلى جانب 290,000 آخرين على شفا المجاعة. وبلغ عدد حالات الوفاة بسبب الجوع 57 حالة، معظمهم من الأطفال وكبار السن.
وأشار التقرير إلى أن الاحتلال دمر 75% من الأراضي الزراعية في القطاع، إضافة إلى 28 تكية طعام و37 مركزًا لتوزيع الغذاء.
تدمير شامل للبنية التحتية
كشفت الهيئة أن 88% من البنية التحتية للقطاع قد دُمرت، حيث تم تدمير 165,000 وحدة سكنية كليًا، و200,000 وحدة جزئيًا. كما تم استهداف 142 مدرسة وجامعة بشكل كلي، و364 بشكل جزئي، إضافة إلى تدمير 2,850,000 متر طولي من الطرق، و655,000 متر طولي من شبكات الصرف الصحي.
وارتفع عدد الأسر التي فقدت مأواها إلى 280,000، وتم تدمير 719 بئر مياه، حيث تعمل أقل من 30% من الآبار فقط. كما يعاني القطاع من انقطاع كامل للكهرباء منذ شهور، وتُقدَّر الخسائر المباشرة لحرب الإبادة بـ42 مليار دولار أمريكي.
الحصار: خنق متعمد للسكان
لفتت الهيئة إلى أن الحصار المفروض منذ عام 2007 اشتد بشكل كبير منذ بداية الحرب، حيث أُغلقت جميع المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية، فيما تنتظر آلاف الشاحنات عند الحدود في وقت يموت فيه المرضى داخل القطاع.
هناك 22,000 مريض بحاجة للعلاج خارج القطاع، من بينهم 13,000 أنهوا كافة إجراءات التحويل الطبي. وتعتبر الهيئة أن استخدام الحصار كأداة للضغط السياسي يشكل انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف.
المطالب والتوصيات
وأكدت الهيئة الدولية (حشد) في ختام مذكرتها أن السياسات الإسرائيلية القائمة على التجويع والحرمان من المقومات الأساسية للحياة تمثل انتهاكًا جسيمًا لاتفاقية جنيف الرابعة، وترقى إلى مستوى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، كما تشكل خرقًا واضحًا للتدابير المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية.
وطالبت الهيئة المجتمع الدولي بما يلي:
التحرك الفوري لوقف جريمة الإبادة الجماعية، ورفع الحصار، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، استنادًا إلى القانون الدولي الإنساني، لا سيما المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة.
تحمل المسؤوليات القانونية بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وفرض إجراءات ملزمة على سلطات الاحتلال، بما في ذلك فرض العقوبات الدولية وملاحقة المسؤولين جنائيًا.
دعوة الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف إلى الاضطلاع بمسؤولياتها، واتخاذ تدابير عاجلة لوقف الانتهاكات، وتوفير الحماية الدولية العاجلة لسكان قطاع غزة.
دعوة عاجلة لإنقاذ ما تبقى
واختتمت الهيئة الدولية رسالتها بالتشديد على أن التغاضي عن هذه الانتهاكات الجسيمة لا يُعد فقط خرقًا للواجبات الدولية، بل يمثل تواطؤًا صامتًا مع جرائم تُرتكب أمام أعين العالم. وأهابت الهيئة بجميع الجهات الدولية والإقليمية إلى اتخاذ خطوات عملية عاجلة لإنقاذ أرواح المدنيين، ووقف الكارثة، وترسيخ مبادئ العدالة، قبل فوات الأوان.
صادر عن:
الدكتور صلاح عبد العاطي
المحامي ورئيس مجلس إدارة الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني – حشد