خصومات القروض وتجميد الحسابات تعمّق مأساة موظفي غزة وسط حرب الإبادة

تتفاقم معاناة الموظفين في قطاع غزة مع استمرار الحرب الإسرائيلية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى اليوم، وسط أجواء المجاعة وغلاء الأسعار وانهيار البنية التحتية، في وقتٍ يواجهون فيه أزمة مالية جديدة بعد إقدام بعض البنوك على استئناف خصم القروض، رغم وجود قرار رسمي من سلطة النقد الفلسطينية يقضي بتأجيل الأقساط حتى نهاية العام الجاري.
وأفاد موظفون حكوميون وآخرون في المؤسسات الخاصة بأن بنك القدس وبنك الأردن أعادا العمل بخصم القروض الشهرية من رواتبهم خلال الشهور الماضية، ما فاقم الضغوط المعيشية عليهم في ظل فقدان الكثيرين لمنازلهم أو مصادر دخلهم الأخرى.
في السياق ذاته، أثار قرار بنك فلسطين بتجميد مئات الحسابات البنكية صدمة واسعة في الشارع الغزي، إذ حُرم كثير من العائلات من الوصول إلى مدخراتها القليلة التي كانت تمثل “طوق النجاة” وسط حرب الإبادة المستمرة.
أصوات من قلب المعاناة
محمد (42 عاماً)، موظف من مدينة غزة، قال لـ”المواطن”: “كنت أظن أن تأجيل القروض سيمنحني مساحة لشراء الطعام لعائلتي، لكن فوجئت بأن البنك اقتطع جزء كبير من الراتب، وكأنهم لا يرون حجم الكارثة التي نعيشها تحت القصف والجوع.”
أما أم أحمد (موظفة سابقة) فقد أكدت أن حسابها في بنك فلسطين جُمّد منذ أكثر من شهر، مضيفة: “كنت أضع فيه مبلغا بسيطا أستعين به في شراء الخبز وحليب الأطفال، لكن الآن لا أستطيع سحب شيء، نحن فعلياً محاصرون من الاحتلال ومن البنوك معاً.”
مواطن آخر يُدعى سامر من شمال القطاع، وصف المشهد قائلاً: “نقف في الطوابير الطويلة أمام التكيات بحثاً عن الطعام ، بينما البنوك تقتطع أقساط القروض أو تجمّد أرصدتنا القليلة. هذه ليست عدالة، بل ظلم مضاعف.”
قصة المحامي علي نصر الله: الحساب المجمد والمعاناة المزدوجة
في خضم هذه الأزمة، برزت مناشدة المحامي علي حسن صالح نصر الله، من مخيم البريج وسط قطاع غزة، الذي فوجئ بتجميد حسابه البنكي وإيقاف بطاقة المشتريات الخاصة به في بنك فلسطين – فرع الرمال.
المحامي نصر الله، الذي فقد منزله المكون من ستة طوابق إثر قصف الاحتلال ويعيش حياة النزوح مع أسرته المكونة من خمسة أطفال، أوضح لـ”المواطن”: “كنت أحاول شراء بعض الاحتياجات لأسرتي عبر البطاقة البنكية، لكنني صدمت بأن الحساب مغلق والبطاقة موقوفة.”
وأضاف: “أعمل في مهنة المحاماة منذ سنوات، ولا أتلقى أي أموال من جهات خارجية، سوى مساعدة بسيطة من والدي كمصاريف معيشة. لا أفهم سبب إغلاق حسابي دون وجه حق.”
وناشد المحامي رئيس سلطة النقد الفلسطينية التدخل العاجل لإعادة تفعيل حسابه البنكي قائلاً: “أريد فقط أن أعيش بأمان مع أسرتي في ظل القصف والنزوح وغلاء الأسعار، ولا يجوز أن أُحرم من حقّي الطبيعي في التصرف براتبي ومدخراتي.”
مطالب بتدخل عاجل
في ظل هذه الظروف، يطالب موظفون ومواطنون الجهات الرسمية الفلسطينية بالتدخل العاجل لإلزام البنوك بوقف جميع الخصومات والتجميدات فوراً، واعتبار المرحلة الراهنة استثنائية تستدعي سياسات إنسانية تراعي الظروف الكارثية.
كما ناشد المواطنون كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية الضغط على البنوك لتطبيق القرارات الرسمية، ورفع المعاناة عن آلاف الأسر التي تقف على حافة المجاعة والحرمان.








