انتقادات حادة لتعيين زيني رئيسا للشاباك: “لا خبرة.. فقط ولاء سياسي”

شهد تعيين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، للرئيس الجديد لجهاز الأمن العام (الشاباك) ديفيد زيني، جدلا واسعًا في الأوساط السياسية والأمنية في إسرائيل.
ورأى المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أن الإعلان المفاجئ عن تعيين زيني جاء لتحقيق هدفين سياسيين لنتنياهو: التصعيد ضد المحكمة العليا والمستشارة القضائية للحكومة من جهة، وتهدئة قاعدته اليمينية من جهة أخرى. ووصف الخطوة بأنها محاولة لكسب “نقطتين دفعة واحدة”.
ولفت هرئيل إلى أن التعيين جاء بعد يوم واحد من قرار المحكمة العليا الذي قضى بأن إقالة رئيس الشاباك الحالي، رونين بار، كانت غير قانونية وتشوبها شبهة تضارب مصالح، وكذلك بعد إعلان المستشارة القضائية أنه لا يحق لنتنياهو تعيين خلف له.
وبحسب هرئيل، فإن زيني، الذي لم يسبق له تولي مهام استخباراتية أو إدارية عليا، أبدى مواقف متشددة خلال جلسات داخلية لقيادة الجيش أثناء الحرب، حيث فضّل “هزيمة حماس ” على إبرام صفقة تبادل أسرى.
وأضاف “زيني معروف بأنه ضابط ميداني شجاع، لكنه يفتقر إلى المؤهلات المهنية المطلوبة لرئاسة الشاباك، ويُنظر إليه على أنه شخصية حادة في مواقفه ولا يتقبل التعقيد”.
واعتبر هرئيل أن التعيين قد يخدم توجهات اليمين الإسرائيلي في الانتخابات المقبلة، في ظل محاولات يُجريها مقربون من نتنياهو للتأثير على نزاهة العملية الانتخابية، لا سيما عبر خطط محتملة لاستبعاد أحزاب عربية أو تثبيط تصويت فلسطينيي الداخل.
وشدد على أن “رئيس شاباك لا يملك التزامًا مؤسساتيًا راسخًا قد يمتنع عن التدخل أو يغض الطرف عن هذه الممارسات، خصوصًا في ظل ولائه المفترض لنتنياهو”.
شكك هرئيل في قدرة زيني على إخراج جهاز الشاباك من “أزمته العميقة”، مشيرًا إلى أن “الجهاز شهد زلازل هائلة في الفترة الأخيرة، أبرزها إخفاق 7 تشرين الأول/ أكتوبر”، معتبرًا أن “من غير المرجح أن يساهم تعيين زيني، في ظل هذه الظروف، في ترميم الشاباك”، بل أضاف أن “من المشكوك فيه أن يكون الشخص القادر على صون ما تبقى من الديمقراطية الإسرائيلية، في وقت يشن فيه نتنياهو ومحيطه حربًا مفتوحة على مؤسساتها”.
ولاء مطلق لنتنياهو
أما المحلل العسكري في صحيفة “يسرائيل هيوم”، يوآف ليمور، فاعتبر أن التعيين يعكس انحيازًا لمصلحة نتنياهو الشخصية والسياسية على حساب مصلحة الدولة، وكتب: “زيني يفتقر إلى أي تجربة في إدارة أجهزة معقدة أو خبرة في عالم الاستخبارات. لا يوجد ما يؤهله لرئاسة الشاباك سوى أمر واحد: ولاؤه المطلق لنتنياهو”.
وأضاف ليمور أن المحيطين بنتنياهو حاولوا سابقًا الدفع بزيني لتولي رئاسة الأركان، وحين فشلوا، سعوا إلى نقله لرئاسة الشاباك باعتباره خيارًا “آمنًا ومضمونًا” في ظل الملفات الحساسة المحيطة بنتنياهو، مثل صفقة تبادل الأسرى والتحقيقات مع مقربين من نتنياهو.
واعتبر ليمور أن هذا التعيين يشير إلى تحول خطير في وظيفة الشاباك من جهاز أمني مستقل إلى أداة في يد رئيس الحكومة، مشيرًا إلى أن زيني، خلال عرض خطط الحرب أمام قادة الجيش، عارض إعطاء الأولوية لإعادة الأسرى، وفضّل التركيز على “سحق حماس”، ما يُنذر، بحسب ليمور، بانعكاسات خطيرة على مصير الأسرى المحتجزين في غزة .
وختم بالقول: “هذا تعيين غير معقول بكل المعايير، تم رغم قرار المحكمة العليا، وفي خرق واضح لتعليمات المستشارة القضائية. النتيجة هي تآكل جديد في مؤسسات الدولة”، وسط تحذيرات من أن يجر التعيين إسرائيل إلى أزمة دستورية جديدة ومتفاقمة.
أزمة حكم متواصلة
بدوره، تناول المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، التعيين من زاوية أزمة الحكم المستمرة في إسرائيل، وكتب أن نتنياهو يتصرف وفق نموذج دونالد ترامب، ويتمنى لو أُتيحت له صلاحيات مشابهة لطرد وتعيين المسؤولين دون رقيب.
وقال برنياع إن قرار نتنياهو بتعيين زيني، رغم قرار المحكمة، يمثل استخفافًا صريحًا بالقانون، ويؤجج أزمة دستورية كانت المحكمة قد بدأت في تهدئتها.
وأشار إلى أن الشاباك منخرط في تحقيقات تمس مقربين من نتنياهو، وأن المحكمة رأت في ذلك سببًا كافيًا لمنعه من تعيين رئيس جديد للجهاز. وقال: “الجميع في حالة تضارب مصالح الآن، والمطلوب هو تعيين شخصية مهنية وحيادية بأسرع وقت”.
وختم برنياع بالتحذير من أن الاستمرار في هذا المسار قد يعمّق الشرخ داخل المؤسسات الأمنية والقضائية، ويؤدي إلى تآكل في ثقة الجمهور بها.