“حشد” تصدر ورقة موقف بشأن تفعيل القضاء في ظل فوضى السلاح وتداعيات حرب غزة

أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشـــد) ورقة موقف مفصلة بعنوان: “تفعيل دور القضاء في ظل فوضى السلاح”، أعدها الدكتور علي العطار، عضو مجلس الإدارة، تناولت فيها بشكل معمق انعكاسات تعطيل العمل القضائي في قطاع غزة خلال الحرب الإسرائيلية على استقرار المجتمع والنظام القانوني، واقترحت الآليات العملية اللازمة لإعادة تفعيل القضاء الفلسطيني بما يضمن محاكمات عادلة ويعزز سيادة القانون.
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما رافقها من تدمير للبنية المؤسسية وانهيار لمرافق الدولة، أعلن المجلس الأعلى للقضاء تعليق العمل في المحاكم حتى إشعار آخر. ومع استمرار الحرب، برزت على الساحة الداخلية ظواهر مقلقة تمثلت في تزايد الجرائم وانتشار السلاح خارج الإطار القانوني، وتنامي دور الجماعات المسلحة التي تمارس سلطات قضائية وأمنية غير قانونية، ما أدى إلى تراجع ثقة المواطنين بمؤسسات العدالة وتعطيل مبدأ سيادة القانون.
وتهدف هذه الورقة إلى تحليل انعكاسات تعطيل القضاء خلال الحرب، وبيان المخاطر المترتبة على استمرار هذا الوضع، وصولاً إلى اقتراح آليات عملية لإعادة تفعيل السلطة القضائية الفلسطينية.
المطلب الأول: نتائج تعطيل العمل القضائي والمخاطر التي واجهها القضاء أثناء الحرب
أولاً: نتائج تعطيل القضاء
أدى تعطيل العمل القضائي إلى آثار سلبية بالغة على النسيج القانوني والاجتماعي الفلسطيني، أبرزها:
تفشي ظاهرة أخذ الحق باليد: غياب السلطة القضائية دفع المواطنين للجوء إلى القوة لاسترداد حقوقهم، ما عزز ثقافة الانتقام وأضعف مؤسسات إنفاذ القانون الرسمية.
شرعنة العنف الموازي للدولة: ظهرت مجموعات مسلحة تُبرر استخدام القوة بذريعة “الأمن المجتمعي” أو “المحكمة الثورية”، دون أي أساس قانوني أو رقابة قضائية، ما يمثل تهديداً للسلم الأهلي.
انتهاك مبدأ المحاكمة العادلة: تنفيذ أحكام ميدانية واعتقالات خارج نطاق القضاء شكل خرقاً صريحاً للقانون الأساسي الفلسطيني والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
إضعاف ثقة الجمهور بالقضاء: استمرار تعليق المحاكم دون آليات بديلة أدى إلى تراجع الثقة العامة بقدرة القضاء على حماية الحقوق.
تعزيز مناخ الإفلات من العقاب: غياب دور النيابة العامة والمحاكم أدى إلى تكرار الجرائم والفساد، وانتشار سوق المساعدات الإنسانية المنهوبة وارتفاع فوضى السلاح بنسبة تجاوزت 85%.
وقد ساهم تعطيل القضاء أيضاً في تمكين الاحتلال الإسرائيلي من تشكيل ميليشيات مسلحة تابعة له، وزيادة جرائم السرقة والنهب، وتنفيذ أحكام بالإعدام دون محاكمات قانونية، بما يشكل انتهاكاً صارخاً لمبدأ استقلال القضاء والفصل بين السلطات.
ثانياً: المخاطر التي أحاطت بالعمل القضائي أثناء الحرب
تعرضت السلطة القضائية لاستهداف ممنهج من قبل الاحتلال، شمل:
تدمير محاكم الصلح، محاكم البداية، محكمة الاستئناف، محكمة العدل العليا، المحكمة الإدارية، وهيئة القضاء العسكري.
تدمير مقار النيابة العامة، ديوان النائب العام، مكاتب التفتيش القضائي، ونيابة جرائم الأموال ومكافحة الفساد.
فقدان آلاف الدعاوى والملفات القضائية، ما يهدد ضياع حقوق المتقاضين بشكل دائم.
تدمير أكثر من 90% من مكاتب المحامين ومقرات نقابة المحامين، واستشهاد أكثر من 250 محامياً، وأكثر من 20 قاضياً، و10 من وكلاء النيابة العامة، وعدد كبير من القضاة العسكريين.
هذا الاستهداف أدى إلى تعميق حالة الفوضى القانونية وفتح المجال أمام ثقافة الإفلات من العقاب، ويشكل انتهاكاً صارخاً للمادة (53) من اتفاقية جنيف الرابعة وأحكام نظام روما الأساسي التي تُصنّف تدمير المؤسسات المدنية والاعتداء على القضاة كجرائم حرب.
المطلب الثاني: آليات تفعيل دور القضاء الفلسطيني بعد الحرب
توفير مقار قضائية مؤقتة: إنشاء خيام قضائية أو تخصيص قاعات في المدارس والمستشفيات لاستئناف جلسات المحاكم العاجلة.
تشكيل هيئات قضائية مؤقتة: لضمان محاكمات عادلة للأشخاص الخارجين عن القانون، مع الالتزام بالقانون الفلسطيني ومبادئ العدالة الانتقالية.
العودة التدريجية للعمل القضائي: البدء بالقضايا الجزائية العاجلة، ثم الدعاوى المدنية والتحكيمية، وتوسيع الاختصاصات تدريجياً بما يتوافق مع إعادة الإعمار وتحسن الوضع الأمني.
إزالة ركام المحاكم المدمرة: بالتنسيق مع وزارة الأشغال والدفاع المدني لاستعادة البنية المؤسسية والملفات القضائية المفقودة.
استرجاع المستندات المفقودة: اعتماد نسخ من المستندات والدعاوى المرفوعة من قبل الأطراف والمحامين بعد توثيقها رسمياً.
تعيين قضاة ووكلاء نيابة جدد: وفق معايير الكفاءة والنزاهة، مع توفير برامج تدريب عاجلة.
توحيد السلطة القضائية بين شطري الوطن: لضمان استقلال القضاء وإعادة ثقة المواطنين في العدالة الفلسطينية.
أكدت الورقة أن إعادة تفعيل القضاء الفلسطيني بعد الحرب تتطلب مقاربة شاملة تجمع بين الإصلاح الهيكلي، والتشغيلي، والمؤسسي، باعتباره الركيزة الأساسية لاستقرار المجتمع وضمان العدالة الاجتماعية. وأشارت الورقة إلى أن حماية القضاء وإعادة بناء الثقة في مؤسساته يمثلان خطوة أساسية نحو التعافي الوطني وإعادة الاعتبار للحقوق الأساسية للمواطن الفلسطيني.
للاطلاع على الورقة كاملة






