أخــبـــــارخاص المواطن

غضب شعبي بسبب تفاقم أزمة الغاز وتحولها إلى تجارة مربحة في زمن الحرب

في وقتٍ يعيش فيه أهالي قطاع غزة واحدة من أحلك فصول المعاناة الإنسانية منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، يتصاعد الغضب الشعبي في الشوارع وعلى منصات التواصل الاجتماعي بسبب أزمة الغاز الخانقة، التي تحولت من أزمة تموينية إلى رمز للفساد والتلاعب بمعاناة الناس. فبرغم دخول شاحنات الغاز يوميًا إلى القطاع، إلا أن اللهب لا يصل إلى مطابخ المواطنين، بل يشتعل في صدورهم غضبًا على من وصفوهم بـ”تجار الوطن” و”حرامية الأزمات”.

منذ بدء إعلان وقف إطلاق النار، لم تفلح كميات الغاز التي دخلت القطاع في تخفيف الأزمة، إذ يعيش السكان أوضاعًا كارثية بين انقطاع الكهرباء وشحّ الوقود والمياه والغاز، في حين تتحدث الأنباء عن دخول عشرات الشاحنات من الغاز دون أن يلمس المواطن أي تحسن في التوزيع أو الأسعار.

الإعلامي عبد الحميد عبد العاطي عبّر عن استيائه الشديد في منشورٍ لاذع كتب فيه: “في زحمة الأخبار.. وين الغاز يا تجار الوطن؟”، ثم تابع في منشور آخر قائلاً: “وين الغاز يا حرامية؟ الهيئة العامة للبترول تبيع الغاز بالسوق السوداء لمطاعم الشاورما!”،

وأضاف لاحقًا: “الغاز يأتي مساعدات، الأصل لا يُباع، لكنه يُباع بالسوق السوداء بثمنٍ يصل إلى 300 دولار للجرة الواحدة، وصاحب المحطة يبيع يوميًا 50 جرة، كلها تذهب للسوق السوداء.”

أما الصحفي أسامة الكحلوت فتساءل قائلًا: “أصحاب الشأن والاختصاص… وين بيروح الغاز اللي بيدخل البلد؟ حلونا؟؟؟”، مضيفًا في منشور آخر: “14 شاحنة غاز دخلت منذ سريان وقف إطلاق النار، ولم تُحل المشكلة… وين بيروح الغاز؟”

الصحفي معالي أبو سمرة تحدث عن انتعاش السوق السوداء قائلاً: “يُباع الغاز بأسعار تصل إلى 100 شيكل للكيلو، بينما الكشوفات الرسمية لا تمتّ للواقع بصلة، وهناك تلاعب واضح بحجة أن الكميات قليلة. المطلوب بيان رسمي شفاف يوضح الكميات وآلية التوزيع، وإلا فالأمر عبثٌ واضح ويدل على أن هناك أيدي خفية مستفيدة من الوضع.”

الناشط صالح ساق الله أكد أن “الغاز الذي دخل غزة بنسمع فيه بس ما حدا شافه، ويباع بالأسواق الكيلو بـ80 و90 شيكل، فكيف وصل للتجار وما وصل للمواطنين؟ يا وزارة الاقتصاد وينكم؟”، فيما علّق الدكتور صالح تايه بحدة قائلاً: “يكفي أنه وصل لوزارة الاقتصاد وهي بتوزعه على التجار بمعرفتها، طول عمرهم مستغلين المواطن وحاجته، وعايشين على قفاه.”

من جانبه، قال المهندس شادي محمد عاصي: “بشوف شاحنات غاز بتدخل بشكل رهيب، لكن المواطن مش شايف أي شي. كل بياع عنده عشر جرار وببيع الكيلو بـ100 شيكل، بينما مطاعم الشاورما والحلو شغالة طبيعي. الغاز للمحسوبين والمواطن للمعاناة.” وأضاف الدكتور محمد شحادة: “سلمت الجرة من أسبوع 12/10 ولسه ما تعبت! رغم أنه كل يوم بيدخل غاز. واضح إنه التوزيع للحبايب، وما خفي أعظم.”

الناشط إيهاب النباهين عبّر بمرارة عن يأس الناس قائلاً: “صرنا نشوف سيارات الغاز بالشوارع، لكن بيوتنا فاضية. الناس بتحرق نيلون وكرتون لتدفئة أطفالها، والشتا جاي. الوضع مهين، والناس فقدت صبرها.” أما سعيد الجماصي فكتب: “الغاز بنشوفه في مطاعم الشاورما والدجاج المشوي، وفي بيوت وخيام المتنفذين وأولي الأمر، أما الشعب فمضبوع ساكت وهو بشوف حقه بنسرق.”

وفي تعبير آخر عن حجم الأزمة، قال موسى مصلح جنيد: “من 12/10 ما تعبت الجرة، بس بنسمع عن الغاز وما بنشوفه.” وكتبت داليا الآغا وأم محمد حلاوة: “سرقوا كتير منا.. بيتاجروا فيه وبيوزعوه على بعض وإحنا بنتفرج.” أما دعاء أحمد فقالت بوضوح: “طول ما كبار التجار بكونوا من الأخضر.. انسَ الشعب يستفيد.”

هكذا يعيش الغزيون بين نيران الحرب ونيران الفساد، لا يجدون غازًا يطبخون به، ولا من يجيب صرخاتهم. وبينما تدخل الشاحنات وتُعلن الجهات الرسمية عن وصول الإمدادات، يبقى اللهب الحقيقي في صدور الناس التي أُحرقت بصمتها وبفشل منظومةٍ لم تُفلح إلا في تحويل المعاناة إلى فرصة للربح والاستغلال.

ويبقى السؤال الذي يتردد على ألسنة الجميع من رفح إلى بيت لاهيا: “وين الغاز يا تجار الوطن؟”

زر الذهاب إلى الأعلى