أين نتنياهو من صفقة ألكسندر؟ – من لا يحمل جوازًا أميركيًا يُترك في الخلف

بينما تستعد إسرائيل، اليوم الإثنين 12 مايو 2025، للإفراج عن الجندي الأسير الأميركي–الإسرائيلي عيدان ألكسندر، تشتعل الساحة السياسية بجدل داخلي حاد حول تغييب حكومة بنيامين نتنياهو عن صفقة الإفراج، التي جرت، وفق بيان رسمي، دون مقابل، عبر مفاوضات مباشرة بين حركة “حماس” والإدارة الأميركية.
وتشير التقديرات إلى أن عملية الإفراج ستتم خلال ساعات النهار، ضمن تهدئة مؤقتة يُنتظر أن تنتهي بعد تسليم ألكسندر، حيث تعمل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على تأمين ممر آمن داخل غزة لضمان خروجه، وسط ترجيحات باستكمال العملية بحلول الساعة الثامنة مساء.
ورغم تأكيد مصادر عسكرية إسرائيلية وقف بعض العمليات مؤقتًا جنوب القطاع لتسهيل تسليمه، شددت جهات أمنية أخرى على أن الجيش لم يتلقَّ تعليمات رسمية بوقف إطلاق النار، موضحة أن العمليات مستمرة، بدليل اندلاع اشتباك مسلح في حي الشجاعية شرقي غزة ظهر اليوم.
في المقابل، تعالت أصوات الغضب داخل إسرائيل، لا سيما من عائلات الجنود الأسرى، التي انتقدت بشدة إقصاء تل أبيب من الصفقة، وعبّرت عن خشيتها من انعكاسات ذلك على مصير عشرات الأسرى الذين لا يحملون جنسية أجنبية.
وورد في بيان صادر عن مقر عائلات الأسرى أن “إطلاق سراح ألكسندر يعكس ما يمكن أن ينجزه زعيم حقيقي وفيّ لشعبه”، في إشارة واضحة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتساءلت العائلات: “هل سيفعل نتنياهو الشيء ذاته لـ58 أسيرًا ما زالوا في الأسر؟”.
البيان دعا رئيس الحكومة الإسرائيلي لاتخاذ “قرار تاريخي” بإنهاء معاناة الإسرائيليين بعد 584 يومًا من الحرب، فيما جدد نتنياهو تمسكه بخيار استمرار العمليات العسكرية، مؤكدًا أن إسرائيل لم تلتزم بأي وقف لإطلاق النار، بل اقتصر دورها على توفير “ممر آمن”.
من جهتها، أعربت والدة الأسير ماتان تسنغاوكر، في رسالة مؤثرة، عن ألمها بعد أن علمت بأن ابنها سيظل في الأسر، قائلة: “أنا أعرف أنك تبكي كما أبكي… ولن أتوقف حتى أراك في حضني”، بينما وصفت عائلة الأسير ألون أوهل الصفقة بأنها “كابوس” يترك ابنهم خلف القضبان دون علاج.
وشهدت الساحة السياسية مزيدًا من التصعيد، بعد أن انتقدت مصادر سياسية إسرائيلية لهجة البيانات الرسمية، معتبرة أن إعلان إسرائيل عدم مشاركتها في صفقة تتعلق بجندي يحمل جنسيتها “سابقة خطيرة تمس السيادة السياسية والأمنية”.
مراقبون حذروا من تداعيات المسار الأميركي–الحمساوي، واعتبروه تقويضًا لدور إسرائيل الإقليمي ومؤشرًا على تراجع تأثيرها، خاصة أن البيان الإسرائيلي أكد أن “الولايات المتحدة أبلغتنا بالصفقة”، ما يعكس واقعًا جديدًا يُبعد تل أبيب عن طاولة القرار.
وفي السياق نفسه، حذرت مصادر أمنية إسرائيلية من أن إفراج واشنطن عن مواطنيها فقط قد يقلص من التزامها تجاه ملف الأسرى الإسرائيليين الآخرين، وهو ما يثير قلقًا متزايدًا في الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية.
المشهد السياسي المعقّد انعكس كذلك على أجندة نتنياهو، إذ تقرر اختصار شهادته أمام المحكمة في ملفات الفساد، لتنتهي قبل موعد بدء عملية الإفراج، في حين يستعد مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، للوصول إلى إسرائيل للإشراف على استلام ألكسندر، ومتابعة المحادثات بشأن المسار التفاوضي.
وبحسب تصريحات إسرائيلية، فإن ترتيبات الاستقبال اكتملت بالكامل داخل إسرائيل، بما يشمل استقبال العائلة في كيبوتس رعيم والنقل إلى المستشفى، فيما يستمر التنسيق مع الصليب الأحمر والوسطاء لتأمين الخروج من غزة.
واعتبر مسؤولون إسرائيليون أن هذه العملية قد تكون بوابة لمسار تفاوضي جديد يُعرف بـ”مسار ويتكوف”، مؤكدين أن “حماس لعبت بورقتها الأقوى – عيدان ألكسندر – في محاولة لعرقلة عملية ’عربات جدعون‘، مستغلة زيارة ترامب للمنطقة”.
ومع استمرار الترقب لعملية الإفراج، تبقى التساؤلات الكبرى معلّقة: هل تُعد هذه الصفقة تحولًا في قواعد اللعبة الإقليمية؟ وهل يُترك الأسرى الإسرائيليون غير الأميركيين في الخلف؟