أخــبـــــارخاص المواطن

سلطة النقد والبنوك تُجهز على ما تبقى من غزة: قرار خصم القروض يُشعل الغضب ويحمل توقيع التجويع

بينما تنهش حرب الإبادة جماجم الأبرياء في قطاع غزة وتواصل طائرات الاحتلال حصد أرواح النساء والأطفال، ووسط دمار شامل طال كل بيت وشارع ومؤسسة، وفي وقتٍ يعاني فيه السكان من مجاعة حقيقية وانهيار اقتصادي وإنساني شامل، تفاجأ موظفو القطاع العام في غزة بقرار وصفه كثيرون بـ”الطعنة في الظهر”: خصم أقساط القروض من رواتبهم المحطمة أصلاً.

قرار أصدرته سلطة النقد الفلسطينية، ووافقت عليه إدارات البنوك العاملة في القطاع، في وقت يصف فيه العالم غزة بأنها “أكبر مأساة إنسانية في القرن”. وفي وقتٍ لا يجد فيه الموظف ما يسدّ رمق أطفاله، جاء قرار الخصم كإجراء غير وطني، قوبل بموجة غضب شعبي وسياسي واسع، واتهامات مباشرة بالتسبب في مزيد من الجوع والمعاناة.

الحرب أكلت كل شيء.. والقرار أكل الرواتب

منذ بداية الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، خسر عشرات آلاف الموظفين منازلهم وممتلكاتهم، وتحوّلوا إلى نازحين في خيام ممزقة تحت حر الشمس أو بين أنقاض منازلهم. ومع تدمير القطاع الاقتصادي، وإغلاق المعابر، وغياب أي أفق للإغاثة، أصبحت الرواتب هي شريان الحياة الوحيد لآلاف الأسر، لكنها أصبحت اليوم مهددة بالسلب أيضًا.

رئيس تحرير قناة المواطن الإعلامية عبد الحميد عبد العاطي قال في تصريح حاد: “يا سلطة النقد، الموظفين حيموتوا لو تم خصم قرش واحد من رواتبهم.. قرار غير حكيم، وقته مش مناسب.”

القرار، وفقًا لتسريبات مصرفية، يقضي بخصم نسبة 25% إلى 50% من راتب الموظف لصالح البنوك، دون أي مراعاة للواقع الكارثي الذي يعيشه سكان غزة، وسط أزمة سيولة طاحنة وعمولات مجحفة يتحملها المواطن الغزي عند صرف راتبه من الصرافين.

بدورها، ناشدت حركة “فتح” عبر متحدثها الرسمي منذر الحايك، سلطة النقد الفلسطينية وكافة البنوك العاملة في فلسطين بضرورة تأجيل خصومات القروض المستحقة على موظفي القطاع.

وأكد الحايك أن الاستمرار في تطبيق قرار الخصم من الرواتب في هذه المرحلة الحرجة سيضاعف من معاناة المواطنين، خاصةً مع صرف 70% فقط من قيمة الرواتب نتيجة قرصنة الاحتلال لأموال المقاصة، والأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية.

وقال الحايك في بيان رسمي: “في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها أبناء شعبنا في قطاع غزة والحياة القاسية التي يعيشونها، نهيب بالإخوة في سلطة النقد والبنوك الفلسطينية بتأجيل خصومات القروض على الموظفين، لما سيضاعف قرار الخصم المزيد من المعاناة.”

اتهامات مباشرة: هاشم الشوا في مرمى الغضب

وُجهت اتهامات قاسية إلى رئيس مجلس إدارة بنك فلسطين هاشم هاني الشوا، الذي رُفض من قبله مقترح تأجيل أقساط القروض، وتمسّك بموقف الخصم، متجاهلًا كل النداءات الشعبية والإنسانية.

صالح ساق الله، المتحدث باسم الهيئة الوطنية للمتقاعدين العسكريين، قال بوضوح: “نحمّل هاشم الشوا المسؤولية الكاملة عن هذا القرار اللاوطني، وما سيترتب عليه من جوع وموت وتشرد. هذه قرارات تخدم الاحتلال وتعمّق مأساة غزة.”

كما طالب بوقفة جادة من أعضاء اللجنة المركزية، قائلاً: “إذا لم يكن لكم موقف الآن، فأنتم شركاء في تجويع أهل غزة، وشهداء زور على الجريمة التي يرتكبها محافظ سلطة النقد.”

حرب وجوع ومؤامرة قروض: غزة تحت الخنق الثلاثي

قطاع غزة اليوم لا يُحاصر فقط بالقصف، بل أيضًا بالقرارات الجائرة:

الحرب دمّرت أكثر من 90% من البنية التحتية.

الفقر تجاوز 85%، وأزمة السيولة دفعت بعائلات لبيع أثاث منازلهم.

الأسعار تضاعفت 400% بسبب الحصار وانهيار الاقتصاد.

عمولات الصرف تنهش ما تبقى من الراتب، تصل إلى 50%.

وأخيرًا.. البنوك تعود لتخصم القروض دون أدنى رحمة.

الصحفي محمد تمراز قال بغضب: “أنتم مش فاهمين شو يعني حرب.. الموظف اللي طالع من تحت الركام وعايش من قنينة مياه وعلبة سردين، كيف بدكم تخصموا عليه؟ والله أنتم مش منّا.”

مطالب واضحة: أوقفوا الخصم فورًا أو تحمّلوا العواقب

في وجه هذا القرار الجائر، ارتفعت الأصوات المطالبة بالعدول الفوري عنه، وفي مقدمتها:

1. تمديد قرار تأجيل القروض حتى يوليو 2026.

2. تحويل الديون خلال الحرب إلى قروض حسنة بلا فوائد.

3. شطب ديون الشهداء والأيتام.

4. محاسبة من تسببوا بأزمات السيولة والعمولات.

العميد بسام أبو العيس أشار إلى أن: “الموظف الذي ينقّب عن أطفاله تحت الأنقاض لا يمكن مطالبته بتسديد قرض. لا تقتلوا ما تبقى من إنسانيتكم.”

في الختام: من مع غزة ومن ضدها؟

قرار خصم القروض في هذا التوقيت ليس قرارًا ماليًا فقط، بل هو قرار سياسي بامتياز. هو قرار يضع البنوك وسلطة النقد في مواجهة مفتوحة مع الشارع الغزي الذي يعيش أكبر مأساة في تاريخه الحديث.

في زمن المجاعة، يصبح لقمة الخبز أهم من كل القوانين والنظم، فكيف يمكن تبرير اقتطاعها من أفواه الأطفال؟
إن كانت الحرب قد فجّرت البيوت، فقرار الخصم سيفجّر الغضب الشعبي.
وغزة – رغم كل ما فيها – لا تزال قادرة على الصمود، ولكنها تئن وتستغيث..

> #أوقفوا_قروض_غزة
#راتب_الموظف_خط_أحمر
#لا_للتجويع_الوطني

زر الذهاب إلى الأعلى