آخر الأخبارشؤون فلسطينيةعربي ودولي

نيويورك تايمز: الاحتلال الإسرائيلي يقوّض قيام الدولة الفلسطينية قريةً قرية في الضفة الغربية

نيويورك تايمز: الاحتلال الإسرائيلي يقوّض قيام الدولة الفلسطينية قريةً قرية في الضفة الغربية

يكشف تحقيق موسع لصحيفة نيويورك تايمز كيف ينفّذ الاحتلال الإسرائيلي سياسة ممنهجة لتقويض قيام الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية، عبر الاستيطان والعنف العسكري وحماية اعتداءات المستوطنين، في مشهد يومي من مصادرة الأرض وتفريغ القرى الفلسطينية من سكانها.

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن الاحتلال الإسرائيلي يعمل بشكل تدريجي ومنهجي على تقويض قيام الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية، من خلال سياسة توسع استيطاني مدعومة بالقوة العسكرية، تستهدف القرى الفلسطينية واحدة تلو الأخرى، وتحوّل الأرض إلى وقائع غير قابلة للتراجع.

وأوضح التقرير المطوّل أن الاحتلال لا يكتفي بتوسيع المستوطنات، بل يوفر الغطاء العسكري والقانوني لاعتداءات المستوطنين المتطرفين، الذين يهاجمون المزارعين الفلسطينيين ويخربون محاصيلهم ويمنعونهم من الوصول إلى أراضيهم، في مسعى واضح لفرض السيطرة بالقوة ودفع السكان إلى الرحيل.

وسلّط التحقيق الضوء على معاناة المزارعين الفلسطينيين، وفي مقدمتهم المزارع السبعيني رزق أبو نعيم من قرية المغير، الذي تعرضت أرض عائلته لهجمات متكررة من مستوطنين يقودون أغنامهم إلى بساتين الزيتون، ويستولون على مصادر المياه، ويقتحمون المنازل ليلًا، وسط تقاعس متعمد من جيش الاحتلال أو تدخله لاحقًا لصالح المستوطنين.

ووثّق التقرير، استنادًا إلى بيانات وخرائط وأوامر عسكرية وقضائية، كيف يوسّع الاحتلال الإسرائيلي سيطرته على أراضٍ فلسطينية منذ عقود، عبر شق طرق عسكرية، وإقامة بؤر استيطانية غير قانونية تتحول لاحقًا إلى مستوطنات رسمية، ما يؤدي إلى عزل القرى الفلسطينية وتقطيع أوصالها وفصل السكان عن أراضيهم الزراعية.

سياسة احتلال ممنهجة

وأكدت الصحيفة أن ما يجري في الضفة الغربية ليس حوادث منفصلة، بل سياسة احتلال ممنهجة تهدف إلى تقويض حل الدولتين، وهو ما عبّر عنه مسؤولون إسرائيليون صراحة، خاصة بعد تسارع وتيرة الاستيطان منذ عودة بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة عام 2022، وتضاعفها عقب اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وبيّن التقرير أن الاحتلال يستخدم أدوات متعددة لتفريغ القرى الفلسطينية، من بينها الأوامر العسكرية، وتصنيف الأراضي، وإعلان المناطق “مغلقة عسكريًا”، إضافة إلى نصب الحواجز وهدم المنازل، وفرض واقع أمني خانق يحرم الفلسطينيين من أبسط مقومات الحياة.

عنف متصاعد وتهجير قسري

وأشار التحقيق إلى تصاعد غير مسبوق في عنف المستوطنين تحت حماية جيش الاحتلال، حيث أصبحت الهجمات شبه يومية خلال العامين الأخيرين، وبلغت ذروتها بمعدل ثماني اعتداءات يوميًا، وهو أعلى مستوى منذ بدء الأمم المتحدة توثيق هذه الانتهاكات قبل نحو 20 عامًا.

ولفت التقرير إلى أن موسم قطاف الزيتون تحوّل إلى ساحة مواجهة مباشرة، حيث يُمنع آلاف المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم خلال أسابيع حاسمة يعتمدون عليها كمصدر رزق سنوي، في إطار سياسة ضغط اقتصادي ومعيشي ممنهجة.

نقطة تحوّل بعد حرب غزة

وأكدت نيويورك تايمز أن الحرب على غزة شكّلت نقطة تحوّل خطيرة في الضفة الغربية، إذ توسعت البؤر الاستيطانية، وتراجعت قدرة الفلسطينيين على التنقل والعمل والبقاء في أراضيهم، ما فاقم مخاوف من تفريغ تدريجي للضفة الغربية من سكانها الأصليين.

وبحسب بيانات الأمم المتحدة التي استند إليها التقرير، تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين في الضفة الغربية خلال السنوات الثلاث الأخيرة 1200 شهيد، أي ما يقارب ضعف عدد الضحايا في العقد السابق، في مؤشر واضح على تصاعد العنف المنهجي الذي يمارسه الاحتلال.

وختم التقرير بالتحذير من أن التغييرات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على الأرض قد تكون غير قابلة للتراجع، الأمر الذي يهدد مستقبل الدولة الفلسطينية ويقوّض أي أفق حقيقي للسلام، في ظل واقع استيطاني وعسكري آخذ في التوسع.

زر الذهاب إلى الأعلى