
ما يحاك لقطاع غزة سواء في السر أو العلن هو جد خطير جدا.
ثمة محاولات ورؤى سياسية، وهي جزء من خطة ترامب غير المعلنة، بتقسيم قطاع غزة إلى قسمين: قسم خاضع للسيطرة الاسرائيلية ومساحته تقدر ب58 بالمئة من مساحة قطاع غزة، وهو ما يعرف بالمناطق خلف الخط الاصفر.
والقسم الثاني خاضع لسيطرة حركة حماس، ويضم المحافظة الوسطى، وأجزاء من مدينة غزة، ومواصي خانيونس، ومساحتها 42 بالمئة من مساحة قطاع غزة. (نطلق عليه المنطقة الخضراء)
تلك المنطقة الخضراء حسب الرؤية الأمريكية الإسرائيلية، ستكون محرومة من الاعمار والبناء والحياة، ومحرومة من المساعدات الإنسانية إلا قليلا، وتتعرض للضرب والقصف كل فترة من الوقت، ويحق للقوات الدولية اجتياح المنطقة كلما دعت الضرورة لاعتقال أحد الاشخاص، أو تنفيذ مهمات أمنية.
أما القسم الأول المنطقة الصفراء الخاضع للسيطرة الاسرائيلية، سيبدأ تمهيد الأرض للبناء والإعمار من خلال تدمير ما تبقى من المباني والمنشٱت في هذه المنطقة، وإزالة الأنقاض والركام. (ما يحدث اليوم في شرق خانيونس وشرق غزة، ودعوة عناصر حماس للخروج من المنطقة جزء من التمهيد للمرحلة القادمة)
سوف تكون البداية بناء مخيمات من الخيام للناس في تلك المناطق، بعد دفعهم بقوة الظلم والفقر والجوع من المناطق الخضراء الخاضعة لحكم حماس، إلى تلك المخيمات حيث سيتوفر لهم الطعام والشراب والمساعدات بكثرة.
وينتقل إلى هذه المناطق كل من فقد منزله ومستقبله، ويجد في المنطقة الخضراء غلاء الأسعار وحياة الإهانة والجوع والفقر والموت، تلقائيا سوف ينتقل بحثا عن كرامة العيش والحياة الٱمنة.
وبعد خطوة تجميع الناس في المنطقة الصفراء، سيكون هناك إعمار، قد يطول لفترة من الزمن، حتى يشعر المواطن بالملل وضيق الحال، وتهيئة السبل أمامه لأماكن أكثر راحة واستقرار، فتدفع البعض منهم للهجرة طوعيا، ومن يتبقى سيكون لهم شقق سكنية لكل عائلة متزوجة.
حركة البناء لن تكون وفق رؤية غزة القديمة، بل وفق رؤية غزة الجديدة، بمعنى ليس ثمة تعويض لبناء بيتك، وليس ثمة ملكية للأرض التي كان عليها بيتك، بل ثمة شقة سكنية تقيم فيها مع أسرتك في عمارات سكنية، يتم بناء مشاريعها وفق رؤية استثمارية، تكون البداية في رفح، حيث المشروع الأول بناء 200 إلى 250 ألف شقة سكنية خلال ثلاث سنوات لإسكان أغلب الذين دمرت بيوتهم، ويقيمون في خيام المنطقة الصفراء، وهكذا ستكون المشاريع داخل المنطقة الصفراء.
أما المنطقة الخضراء، بعد الانتهاء من قصة جثث الرهائن الاسرائيليين، سندخل في قضية نزع سلاح حماس وخروج قيادتها، وبين شد وجذب، حماس ترفض حتى قيام الدولة، مما يعيق تشكيل لجنة إدارة غزة، وهنا ستبقى المنطقة تحت حكم حماس، ويعيش السكان فيها اسوء أيام حياتهم بعد وقف إطلاق النار، من خلال الأوضاع المعيشية، والأزمات المتلاحقة، والضربات العسكرية المتواصلة، وعدم قدرتهم على التكيف مع الواقع، حيث تتعرض المنطقة الخضراء للقصف والدمار كل فترة، وعمليات اغتيال كما يحدث في لبنان لعناصر المقاومة حتى تصبح الحياة لا تطاق، فيندفع الناس بقوة للعيش في المنطقة الصفراء بحثا عن حياة، سواء في المنطقة ، أو تمهيدا للهجرة خارج المنطقة، بعد أن يصلوا لقناعة أن غزة ليست مكانا للعيش والحياة.
هذا ما ينتظر قطاع غزة وأهله بعد الانتهاء من تسليم جثث الرهائن الاسرائيليين، ومعاندة نزع السلاح وخروج القادة. ستكون تداعيات الحرب أسوء من الحرب نفسها، وما يطلق عليه اليوم التالي للحرب قد يمتد لسنة أو سنوات، والفلسطيني هو المتضرر، والعالم يتفرج على قدرته على الصمود في وجه الضرر.
نحن نحتاج إلى ساسة عقلاء يدركون ما تنطوي عليه خطة ترامب، وما يرسم في الخفاء والعلن من مستقبل لغزة وأهلها، وإذا لم يتداركوه سيكونوا كمثل من تعلم الصيد فأطلق النار على نفسه، وسيكون ثمة نار ودمار، وغياب قطاع غزة عن الخارطة.
غزة: 1/11/2025








