في ذكرى الـ77 للنكبة .. الجبهة العمالية: لن تُكسر إرادة الشعب الفلسطيني

في الخامس عشر من أيار، تمر الذكرى السابعة والسبعون للكارثة القومية التي حلّت بالشعب الفلسطيني، ففي عام 1948، جرى تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني قسراً من ديارهم، وتدمير مئات القرى والمدن الفلسطينية، وإقامة “دولة إسرائيل” على نحو 80٪ من أرض فلسطين التاريخية.
لقد تأسست “دولة إسرائيل” القوة القائمة بالاحتلال على ظلم قومي سافر، قل نظيره في التاريخ الحديث، وعلى سياسات عنصرية ذات طابع نازي وفاشي بامتياز، استهدفت اجتثاث شعبٍ بأكمله من أرضه وهويته، وإن السعي المتواصل لهذه الدولة النازية في إبادة شعب وبدعم وإسناد الولايات المتحدة الأمريكية وعموم الدول الغربية، ما زالت مستمرة.
إن مسلسل الظلم القومي الواقع على الشعب الفلسطيني منذ سبعة وسبعين عاماً يكشف بوضوح عن نفاق وزيف الخطاب الغربي، ويُظهر بما لا يدع مجالاً للشك أن الحد الأدنى من القيم الإنسانية لا مكان له عندما تتعارض مع المصالح الاستراتيجية للإمبريالية العالمية في المنطقة، وإن التهرب من إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، والمزايدة السياسية التي تُمارس من مختلف الأطراف، تخفي وراءها أجندات سياسية ومصالح استراتيجية، في مقدمتها مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد أظهرت جرائم “إسرائيل” في غزة، المدعومة دعماً مباشراً عسكرياً، واستخباراتياً، وتكنولوجياً، وسياسياً، ومالياً من قبل الإدارتين الأمريكية السابقة والحالية، أن ما جرى في السابع من أكتوبر 2023، والذي استخدمته واشنطن كغطاء لسياسات الإبادة في غزة، ليس إلا ذريعة جديدة لدفن أي أفق سياسي لحل حقيقي للقضية الفلسطينية، فالحديث عن “السلام” لم يعد يعني، لا من قريب ولا من بعيد، إقامة دولة فلسطينية مستقلة، أو إنهاء الظلم القومي التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني.
إن الدولة الفاشية المسماة “إسرائيل” استغلت أحداث السابع من أكتوبر لتُتم ما عجزت عن تحقيقه منذ تأسيسها، فقد قتلت ودمّرت من السابعة من أكتوبر عام ٢٠٢٣ ولحد الآن ما يعادل أو أكثر خلال سبعة وسبعين عاماً، ومارست الاعتقال الجماعي، وأصدرت أحكاماً أبدية بحق المعارضين الفلسطينيين للاحتلال والسياسات العنصرية، واستولت على الأراضي، وأسست المستوطنات على أنقاض القرى والمدن الفلسطينية.
ويحاول النازيون الجدد في “إسرائيل”، وعلى مرأى ومسمع من العالم، دفن من تبقّى من الأحياء عبر فرض حصار الجوع والدواء، ومن نجا منهم، تسحقه الأسلحة الأميركية والغربية التي تُسلَّم ليلاً ونهاراً إلى الفاشيين في “إسرائيل”، وما يجري في غزة اليوم، وما يرافقه من حملات اعتقال واسعة، وغارات ليلية، واستيلاء على الأراضي، وبناء مستوطنات، وعمليات قتل عشوائي في الضفة الغربية، يفضح الزيف الفاضح للرواية الإسرائيلية عن “المظلومية”، ويكشف بوضوح أجندتها الحقيقية: محو الشعب الفلسطيني، وذلك إما بتحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا يُطاق لدفعهم نحو التهجير القسري، أو من خلال القتل المباشر، سواء عبر الحرب أو عبر سلاح الجوع.
في الذكرى السابعة والسبعين لبدء مسلسل تصفية الشعب الفلسطيني جسدياً ومعنوياً، نوجّه نداءنا إلى الطبقة العاملة العالمية، وإلى منظماتها الجماهيرية التي رفضت تحميل الأسلحة المتجهة إلى “إسرائيل” من موانئ السويد وإسبانيا وطنجة المغربية، نوجه ندائنا إلى الجماهير التحررية والمتمدنة، بانها لعبت دوراً كبيراً في تمزيق السردية والرواية الإسرائيلية، وفي الدفع نحو محاكمة القتلة أمام المحكمة الجنائية الدولية، أمثال بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت، وإيقاف الآلة العسكرية الجهنمية لإسرائيل، ولو لأسابيع.
إن الأمل في استعادة بريق الهوية الإنسانية وقيمها معقود بوحدة نضال الطبقة العاملة العالمية والجماهير المتمدنة والتواقة للحرية، فأنتم، الذين ملأتم شوارع ومدن وجامعات العالم، تملكون القدرة على وقف حرب الإبادة الجماعية، ومنع تكرار الكارثة القومية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ودعم مسعاه في تأسيس دولته المستقلة.
إن قضية فلسطين هي قضية أممية بامتياز، قضية تضع علامة استفهام كبرى على جبين الإنسانية، وإن إنهاء الظلم القومي الواقع على الشعب الفلسطيني لا يُحقق السلام في المنطقة والعالم فحسب، بل يفتح الباب أمام عالم أكثر عدالة وإنسانية.