باحث إسرائيلي يحذّر من مقامرة عسكرية بلا خطة: إيران ليست غزة

دعا عوفر شيلح، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي وعضو الكنيست السابق، إلى الانتقال من الخيار العسكري إلى المسار الدبلوماسي في التعامل مع إيران، ومنح الولايات المتحدة فرصة للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، معتبراً أن إسرائيل لا تملك القدرة على إنهاء المشروع النووي الإيراني بالقوة وحدها.
وفي مقال نشره على موقع القناة 12 العبرية، اعتبر شيلح أن التصريحات التي أدلى بها رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي تمثل أوضح صيغة لأهداف الحرب، إذ أقر هنغبي بأن إسرائيل لا تستطيع القضاء على البرنامج النووي الإيراني عسكرياً، وأن الهدف الواقعي هو دفع طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات بعد إضعافها عبر الضربات العسكرية.
وأشار هنغبي إلى أن إسرائيل لا تسعى في هذه المرحلة إلى إسقاط النظام الإيراني، معترفاً بأن استهداف قادة الجيش والحرس الثوري قد يؤثر مؤقتاً، لكنه لن يغير المعادلة، بل ربما يعزز من تماسك النظام داخلياً. وشدد على أن الشعب الإيراني وحده هو القادر على تغيير النظام.
شيلح، المعروف بنقده للسياسات الأمنية، تساءل: ما الخطوة التالية؟ وأجاب بأن الرهان على الدعم الأميركي ليس مضموناً، خاصة مع مؤشرات التردد لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي وإن أعطى الضوء الأخضر الضمني للهجمات الإسرائيلية، إلا أنه لم يربط موقفه بخطة متكاملة، لا عسكرياً ولا تفاوضياً.
ولفت إلى أن ترامب، الذي يواجه انتقادات من أوساط قاعدته السياسية الانعزالية، يرى في العملية الإسرائيلية فرصة لـ”ربح سياسي مزدوج”: إن نجحت، فهو شريك بالنصر، وإن فشلت، فإن إسرائيل وحدها تتحمل الكلفة، كما حصل في غزة.
وأشار شيلح إلى أن هناك فجوة كبيرة بين ما يراه قادة إسرائيل داخل دوائرهم الضيقة، وبين ما يعيشه الشارع الإسرائيلي الذي بدأ يُظهر تساؤلات متزايدة بعد ليالٍ متواصلة من القصف الإيراني، وفقدان الثقة في قدرة منظومات الدفاع على صد الهجمات الصاروخية بالكامل.
وتابع: “مع تزايد الخسائر البشرية، يبدو أن الحرب، التي توصف بأنها تمتد لأسابيع وربما أشهر، بدأت تُفقد تأييداً شعبياً واسعاً، خصوصاً في ظل غياب خطة واضحة للنجاح”.
وحذّر شيلح من تكرار أخطاء سابقة، قائلاً إن إسرائيل دخلت هذا المسار العسكري دون رؤية نهائية واضحة، وأنه مثلما لم تنجح الضغوط العسكرية في حسم المعركة ضد حماس في غزة، فهي كذلك لن تنجح ضد إيران، التي لا تُقارن بحجمها وقوتها وعمقها الاستراتيجي.
كما استعاد تحذيرات رئيس الموساد الراحل مئير داغان، الذي نبه في إفادة شهيرة إلى أن ضربة إسرائيلية للمشروع النووي الإيراني قد تتحول إلى مبرر لطهران لتسريع برنامجها النووي بدلاً من وقفه.
وفي ختام مقاله، شدد شيلح على ضرورة التحول من الخيار العسكري إلى الدبلوماسي، واستثمار الإنجازات الجزئية عبر تحرك سياسي، يهدف إلى وقف التصعيد، واستئناف المفاوضات، وبناء تحالف إقليمي جديد في مواجهة المحور الإيراني المنهك، مؤكداً أن استمرار الحرب دون خطة نصر واضحة يمثل مخاطرة استراتيجية غير محسوبة.