خطة “E1” تعود إلى الواجهة: تهديد بقطع أوصال الضفة وإجهاض حل الدولتين
تشهد الضفة الغربية تصعيدًا غير مسبوق في النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، مع تسارع وتيرة المصادقات على مخططات البناء والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، في وقت تستعد فيه إسرائيل لانتخابات جديدة يُتوقع أن تشكّل ورقة ضغط سياسية لتوسيع المستوطنات.
فبحسب تقرير الاستيطان الأسبوعي الصادر عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان للفترة ما بين 1 و7 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، فإن سلطات الاحتلال أقرت سلسلة من المشاريع الضخمة التي تهدف إلى توسيع رقعة الاستيطان وفرض وقائع جديدة على الأرض.
موجة استيطان غير مسبوقة
أبرز هذه المشاريع تمثل في إقرار خطة البناء في المنطقة المعروفة باسم E1، التي تُعد الأخطر منذ عقود، كونها تربط القدس بمستوطنة “معاليه أدوميم” وتفصل شمال الضفة عن جنوبها، ما يعني عمليًا القضاء على التواصل الجغرافي الفلسطيني. وتشمل الخطة بناء نحو 3,400 وحدة استيطانية.
كما صادق مجلس التخطيط الأعلى في نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي على بناء 1,300 وحدة سكنية جديدة في تجمع “غوش عتصيون” الاستيطاني جنوب القدس، بينها مدارس ومبانٍ عامة وحدائق ومنطقة تجارية كبيرة.
وفي إطار توسع متسارع يقوده وزير المالية ووزير الاستيطان في وزارة جيش الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، أعلن الأخير عن خطة لبناء 1,973 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، موزعة على مستوطنات عدة منها “تفوح” و”أفني حيفتس” و”عيناف” و”غاني موديعين” و”روش تسوريم” و”عيتس إفرايم”.
التقرير أوضح أن سموتريتش، الذي بات يهيمن على كامل ملف الاستيطان، “حطم الأرقام القياسية” في قرارات البناء وإعلان الأراضي كـ”أراضي دولة”، إذ تم منذ تولي حكومة نتنياهو السلطة إعلان 25,960 دونمًا كأراضي دولة، مقارنة بـ28,000 دونم فقط خلال 27 عامًا سابقة.
استغلال الحرب لتوسيع السيطرة
أشار التقرير إلى أن الحرب على غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 شكّلت “نقطة تحول” في المشهد الاستيطاني، إذ استغل المستوطنون والحكومة الظروف الأمنية لفرض واقع جديد، فشهد عام 2024 وحده تخطيط 28,872 وحدة استيطانية جديدة وإعلان أكثر من 24 ألف دونم كأراضي دولة، فيما تجاوز عدد الوحدات التي تمت المصادقة عليها خلال عام 2025 حاجز 21 ألف وحدة.
مزارع رعوية وتهجير قسري
إلى جانب البناء، رافقت هذه الخطط عمليات مصادرة واسعة للأراضي، شملت إعلان الاستيلاء على 8,000 دونم في الأغوار في آذار 2024، و12,700 دونم في تموز من العام ذاته، في أكبر عملية مصادرة منذ ثلاثة عقود.
كما دعمت حكومة الاحتلال إقامة ما يقارب 150 مزرعة رعوية استيطانية، عشرات منها أُنشئت بعد حرب غزة، سيطر المستوطنون من خلالها على نحو 786 ألف دونم (14% من مساحة الضفة الغربية). وترافقت هذه المزارع مع أعمال عنف أدت إلى تهجير 60 تجمعًا رعويًا فلسطينيًا وتشريد ما يقارب 2,895 مواطنًا منذ عام 2023، بينهم 636 خلال 2025 فقط.
تمويل حكومي ضخم للاستيطان
وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت أن مكتب وزيرة الاستيطان أوريت ستروك خصص 75 مليون شيكل لدعم “النقاط الاستيطانية” تحت غطاء “المكونات الأمنية”، بعد أن رفع سموتريتش ميزانية الوزارة من 123 مليونًا إلى 391 مليون شيكل، في حين شهدت قطاعات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية تخفيضات كبيرة.
كما موّلت وزارة الزراعة هذه المزارع تحت بند “منح المراعي”، حيث حوّلت نحو 3 ملايين شيكل منذ 2017، فيما استثمر الصندوق القومي اليهودي نحو 4.7 ملايين شيكل أخرى لدعمها.
مخططات جديدة حول القدس والخليل
في سياق متصل، طرحت سلطات الاحتلال مناقصتين جديدتين لبناء حي استيطاني في مستوطنة “آدم/جفعات بنيامين” شمال شرقي القدس يتضمن 342 وحدة استيطانية، إضافة إلى 14 منزلاً مخصصًا لجنود الاحتياط. كما أعلنت عن مخطط لتوسيع مستوطنة “جبعون الجديدة” شمال غربي المدينة، إلى جانب إصدار أمر عسكري بالاستيلاء على 5,856 دونمًا من أراضي بلدة عناتا، بينها 602 دونم تعود ملكيتها لمواطنين فلسطينيين.
وفي مدينة الخليل، كشفت البلدية عن مخطط إسرائيلي لبناء 63 وحدة سكنية على أرض سوق الخضار المركزي (الحسبة القديمة)، في مشروع اعتبرته “اعتداء صارخًا على صلاحيات البلدية ومخالفة للقانون الدولي الإنساني”.
تصاعد الاعتداءات اليومية
رصد التقرير سلسلة من الانتهاكات الميدانية التي نفذها المستوطنون وقوات الاحتلال خلال الأسبوع المشمول بالتقرير، أبرزها:
- القدس: اعتداءات على تجمعات بدوية في جبع ومخماس، وهدم منازل في سلوان والعيسوية.
- الخليل: استشهاد الشاب أحمد الأطرش برصاص مستوطن، والاعتداء على مزارعين وحراثة أراضي تمهيدًا للاستيلاء عليها.
- بيت لحم: إصابة ثلاثة مواطنين برصاص مستوطنين، وهدم بيوت وآبار مياه، وإحراق أشجار زيتون.
- رام الله: اقتلاع أشجار ومهاجمة مزارعين في دير دبوان وسنجل والمغير وبرقا، وسرقة ثمار الزيتون.
- نابلس: إحراق منازل ومركبات في حوارة وبيتا وتل وجوريش، واعتداءات على المزارعين خلال موسم الزيتون.
- سلفيت وقلقيلية وطولكرم: منع المزارعين من قطف الزيتون، وإحراق مركبات ومنشآت، وهجمات على القرى.
- الأغوار: مواصلة تسييج الأراضي في الفارسية ومكحول، وإقامة بؤر رعوية جديدة لطرد السكان.
يرى التقرير أن هذه التطورات تمثل أوسع حملة استيطان وتهويد تشهدها الضفة الغربية منذ توقيع اتفاق أوسلو، وتؤكد أن حكومة نتنياهو اليمينية، بقيادة سموتريتش وستروك، تستخدم الحرب على غزة كغطاء لتوسيع السيطرة الإسرائيلية وفرض واقع دائم من الفصل الجغرافي والسكاني، يجهض أي إمكانية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.







