أخــبـــــارأقلام

بين اتفاق مؤجل ورسائل ميدانية .. كتب رئيس التحرير

عبد الحميد عبد العاطي

لا تبدو حماس حتى الآن في موقع الساعي الجاد نحو اتفاق، فالموافقة التي أعلنتها الحركة جاءت على نحو متردد، وما إن جرى الإعلان عنها حتى انطلق صاروخ من غزة، في إشارة بدت وكأنها تعكس ازدواجية في الموقف بين السياسة والميدان.

العملية التي وقعت اليوم في رفح تحمل أكثر من دلالة؛ إذ أرادت القيادة في غزة من خلالها أن تُظهر للخارج أنها ما زالت صاحبة القرار الميداني، وقادرة على إدارة المعركة وفق توقيتها وأدواتها. ورغم خطورة العملية، فإن اختيار توقيتها يوحي بأن الهدف الأساس هو التأكيد على بقاء زمام المبادرة في يدها.

هذا السلوك ليس جديدًا في مسار الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي؛ فمنذ انتفاضة عام 1987 كانت الفصائل الفلسطينية تنظر إلى العمليات النوعية باعتبارها وسيلة لإثبات الحضور السياسي قبل أن تكون مجرد فعل عسكري. واليوم تعيد حماس تكرار المعادلة ذاتها: استخدام الميدان كأداة للتفاوض ورسالة إلى الخارج.

في المقابل، وصف سعيد زياد المعركة الراهنة بأنها “أم المعارك”، في إشارة إلى ما تعتبره الحركة معركة وجودية تتجاوز بعدها التكتيكي إلى بُعد استراتيجي. وفي الوقت نفسه، لا شك أن الإعلام الإسرائيلي سيجد في هذه الأحداث مادة لتبرير استمرار الهجوم على غزة، وربط العمليات الميدانية بضرورة المضي في خطط السيطرة والاحتلال.

بين الميدان والسياسة، تبقى غزة ساحة تختلط فيها الرسائل بالدم، ويظل السؤال مفتوحًا: هل تقود هذه العمليات إلى تثبيت موقف تفاوضي أقوى، أم أنها تمنح الاحتلال مبررًا إضافيًا لاستكمال خططه؟

زر الذهاب إلى الأعلى