حين تسقط الأقنعة: قراءة في الأخلاق والفكر بقلم د. علاء الدين عبد العاطي – خاص قناة المواطن
حين تسقط الأقنعة: الأخلاق والفكر كأصدق تعريف للإنسان – خاص قناة المواطن
مهما طال التخفّي، تكشف التفاصيل الصغيرة حقيقة الإنسان بلا استئذان.
بقلم: د. علاء الدين عبد العاطي
خاص قناة المواطن
أمران يفرضان حضورهما مهما بالغ الإنسان في التخفّي أو أتقن ارتداء الأقنعة؛ فمهما أحسن التجمّل، ومهما استعان بمساحيق العالم، يبقى وجه الحقيقة هو الأصدق حضورًا: أخلاقه، وطبيعة تفكيره.
فالأخلاق لا تُستعار ولا تُصنّع، بل تتسرّب تلقائيًا في التفاصيل الصغيرة؛ في نبرة الصوت، وفي طريقة الاختلاف، وفي ردود الفعل حين يغيب الرقيب وتُرفع الكلفة. هي البصمة التي لا يمكن إخفاؤها طويلًا، مهما طال الادّعاء.
أما الفكر، فهو البوصلة الخفيّة التي توجّه السلوك، وتُحدّد مسارات القرار. يظهر في الاختيارات اليومية، وفي أسلوب التحليل، وفي القدرة على الفهم قبل الحكم، وعلى الاستيعاب قبل الإدانة. الفكر ليس ما نقوله فقط، بل ما نفكّر به حين لا يرانا أحد.
علميًا، تشير دراسات علم النفس السلوكي إلى أن الأنماط المعرفية والقيم الأخلاقية تتجلّى تلقائيًا عبر ما يُعرف بـ السلوك اللاواعي؛ تلك الإشارات الدقيقة التي يعجز الإنسان عن ضبطها طويلًا، كاللغة غير اللفظية، والتعبيرات التلقائية، وطريقة بناء المواقف وتفسير الأحداث.
ولهذا، قد ينجح التمثيل لحظة، لكنه يفشل على المدى الطويل، لأن الاتساق الداخلي أقوى من أي محاولة للتزييف الخارجي. فالحقيقة، مهما أُخفيت، تبحث دائمًا عن طريقها للظهور.
إن محاولة الظهور بغير الحقيقة ليست سوى استنزافٍ دائم للنفس؛ إذ يتطلّب الزيف جهدًا متواصلًا للحفاظ عليه، بينما يمنح الصدق طاقة مستقرة وراحة داخلية. الزيف عبء، والصدق خفّة.
ومن الحكمة أن يدرك الإنسان أن بناء الفكر أسبق من تلميع الصورة، وأن تهذيب الأخلاق أعمق أثرًا من تحسين الانطباع. فما يبقى في الذاكرة ليس ما نُظهره في الواجهة، بل ما نتركه في العمق.
كن كما أنت، أو كما تعمل أن تكون بصدق؛ فالحقيقة، وإن تأخرت، لا بد أن تُرى.
والأثر الباقي ليس لما نُظهره للناس، بل لما نحن عليه حين نكون وحدنا.
بقلم: د. علاء الدين عبد العاطي
خاص قناة المواطن
رابط الدكتور علاء الدين عبد العاطي








