فرص التقدم في “مفاوضات غزة” كبيرة لكنها مرهونة بهذا الأمر

كشفت مصادر مطلعة على سير المفاوضات غير المباشرة الجارية في العاصمة القطرية الدوحة، منذ نحو أسبوعين، أن العقبات الرئيسة أمام التوصل إلى اتفاق تهدئة في قطاع غزة “لا تزال قابلة للجسر”.
وأشارت إلى أن الوفد الإسرائيلي يتجنب حسم أي من نقاط الخلاف، في ما يبدو أنه “تكتيك تفاوضي” يهدف إلى ربط نتائج المفاوضات بالجدول السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خاصة مع قرب بدء العطلة الصيفية للكنيست في 27 يوليو والتي تستمر ثلاثة أشهر.
أربع نقاط خلافية رئيسة
وبحسب المصادر، فإن أبرز النقاط التي لا تزال تعرقل التوصل إلى اتفاق تشمل:
- مواقع انتشار الجيش الإسرائيلي في غزة
- آلية توزيع المساعدات الإنسانية
- مفاتيح تبادل الأسرى
- ضمانات بعدم استئناف الحرب خلال فترة التفاوض
خرائط الانتشار العسكري تثير المخاوف
أوضحت المصادر أن حركة “حماس” تطالب بانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى المواقع التي كان يتمركز فيها قبل استئناف الحرب في مارس، وفق الخرائط المتفق عليها في صفقة يناير الماضي، إلا أن إسرائيل قدمت خرائط جديدة تُظهر نية الإبقاء على قواتها في مناطق سكنية واسعة، منها أحياء في وسط مدينة رفح المدمرة، ما أثار شكوكاً حول نوايا تل أبيب في استغلال وقف إطلاق النار لتنفيذ مشاريع تهدف إلى تغيير ديموغرافي، كإنشاء “مدينة خيام” على أنقاض رفح لتهجير سكان القطاع.
في السياق ذاته، أفادت تقارير إسرائيلية بأن تل أبيب قلّصت مساحة التواجد العسكري المخطط له في رفح من 5 كيلومترات إلى 2 كيلومتر، لكن “حماس” نفت تسلّم أي خرائط رسمية بهذا الشأن، وأكدت أن الوسطاء لم يجدوا مبررات أمنية لهذا التغيير.
المساعدات الإنسانية وتوزيعها
على صعيد آخر، تمسّك الوفد الإسرائيلي في بداية المحادثات بأن يتم توزيع المساعدات الإنسانية عبر شركة أميركية، قبل أن يوافق لاحقاً على تحويل جزء منها إلى المنظمات الدولية، مع الإصرار على أن يظل التوزيع داخل مناطق سيطرة الجيش حصراً من خلال تلك الشركة. واعتبرت المصادر أن هذا الترتيب يهدف إلى تمهيد الأرضية لمشاريع مثل “المدينة الإنسانية” التي يُخطط أن تضم نحو 600 ألف مواطن.
الضمانات وإمكانية استئناف الحرب
وترفض إسرائيل حتى الآن إدراج بند يضمن استمرار وقف إطلاق النار بعد انتهاء مدة الستين يوماً، طالما استمرت المفاوضات. وترى “حماس” أن غياب هذا البند يمنح إسرائيل مخرجاً للعودة إلى الحرب في أي لحظة بذريعة فشل المفاوضات. وطالبت بأن تكون هناك “ضمانة سياسية دولية” تُلزم الجميع بوقف القتال، حتى لو لم تنجح المفاوضات فوراً.
تراجع إسرائيلي في مفاتيح التبادل
في ملف تبادل الأسرى، عرضت إسرائيل إطلاق 30 أسيراً فلسطينياً محكوماً بالمؤبد مقابل كل محتجز إسرائيلي، في تراجع عن المعادلة السابقة التي نصت على 50 أسيراً مقابل كل أسير ذكر. وترى “حماس” أن هذا العرض غير منطقي، خاصة أن المحتجزين الباقين هم جنود، ما يفترض رفع سقف المبادلة وليس خفضه.
مقترح التهدئة: 10 أحياء و18 جثة مقابل 60 يوماً من وقف النار
تدور المفاوضات الحالية حول إطلاق سراح 10 محتجزين إسرائيليين أحياء و18 جثة، مقابل وقف لإطلاق النار لمدة 60 يوماً، يتم خلالها التفاوض على إطلاق باقي المحتجزين وإنهاء الحرب بشكل نهائي.
نتنياهو يراوغ سياسياً؟
يرى مراقبون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتعمد إبطاء وتيرة المفاوضات لكسب الوقت، إما لتأجيل الاتفاق إلى ما بعد دخول الكنيست في الإجازة الصيفية، تجنباً لأي هزات سياسية في ائتلافه، أو للضغط على “حماس” لتقديم مزيد من التنازلات، أو حتى لإفشال المفاوضات برمتها.
ويرجح العديد من المحللين الخيار الأول، إذ قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية د. جمال زحالقة لـ”الشرق” إن نتنياهو “حقق معظم أهدافه في غزة”، ولم يتبقَ له سوى إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وهو ما قد يهيئه لخوض انتخابات مبكرة بدعم قوي من معسكر اليمين.
ترامب يضغط لإنهاء الحرب
وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن الضغط الذي يمارسه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الأطراف لدفعها نحو التوصل إلى اتفاق، يأتي في إطار ترتيبات إقليمية أوسع تسعى واشنطن إلى إطلاقها بعد إنهاء الحرب في غزة.