أخــبـــــارخاص المواطن

فضيحة كهرباء غزة: شبكة عامة تُؤجَّر والمواطن يُستنزف

بين ركام البيوت وآثار حرب الإبادة، لم يعد انقطاع الكهرباء في غزة أزمة خدمات عابرة، بل تحوّل إلى عنوان صارخ للظلم والاستغلال. فضيحة جديدة فجّرت غضب الشارع، بعدما كُشف عن تحويل شبكة كهرباء عامة إلى مشروع ربح خاص، فيما يُترك المواطن المنهك فريسة لأسعار خيالية وقرارات مشبوهة، بلا مساءلة ولا رحمة.

تفجّر جدل واسع في الأوساط الشعبية والإعلامية عقب ما كشفه الإعلامي عبد الحميد عبد العاطي حول قيام مدير شركة توزيع الكهرباء، وهي شركة مساهمة يفترض أن تعمل للصالح العام، بتأجير شبكة الكهرباء وموظفيها لصالح شركة “أبو زايد للمولدات”. خطوة اعتبرها كثيرون تجاوزًا خطيرًا يمسّ المال العام ويفتح الباب أمام سوق سوداء للكهرباء تُدار بمنطق الربح لا بمنطق الحق.

وبحسب المعطيات المتداولة، يتم تأجير متر شبكة الكهرباء بثلاثة شواكل، فيما يُباع الكيلوواط للمواطن بسعر 15 شيكل، ويرتفع في بعض المناطق إلى 20 شيكل وأكثر، ما يعكس فجوة صادمة بين الكلفة وسعر البيع، ويثير تساؤلات حول أرباح فاحشة تُحصّل على حساب مواطنين يعيشون أوضاعًا إنسانية قاسية.

هذا الواقع أشعل منصات التواصل الاجتماعي، حيث تحولت الصفحات إلى ساحة غضب مفتوحة. وكتب وائل ياسين أبو نائل في منشور غاضب: «في مخيم الشاطئ الكيلو بـ25 شيكل، أي إجرام هذا؟! ومع هيك بنسمع إنه في الدير بـ15». وفي منشور آخر يعكس حجم السخط، قالت عهد الوفاء: «عنا بحي التفاح الكيلو 25 شيكل، ومحملنا مليون جميلة».

ومع اتساع رقعة الشكاوى، نقلت غادة سلطان صورة أشد قسوة من الجنوب، وكتبت: «حسبي الله ونعم الوكيل… عنا بخان يونس الكيلو بـ40 شيكل». تعليق سرعان ما لاقى تفاعلًا واسعًا، عبّر فيه كثيرون عن شعورهم بأن الكهرباء تحولت إلى عبء يفوق القدرة على الاحتمال.

ولم يخلُ الغضب من بعد أخلاقي وديني، إذ كتب عرفة العثماني: «غزة أصبحت تجارة لمن يريد أن يتاجر بالحرام، وعند الله تلتقي الخصوم»، فيما عبّرت مريم عويطي بمرارة عن حال عامة قائلة: «الكل بحلب بالمواطن… حسبنا الله ونعم الوكيل».

أما بلال مراد، فذهب أبعد من توصيف الأزمة، رابطًا ما يجري بحالة الانهيار القيمي، وكتب في منشور مطوّل: «الكل يطمع في غزة، وأهل البلد بيسرقوها. بدنا ناس جداد، شبعانة، بدنا مستقبل نظيف يليق بماضينا». منشور لخص شعور شريحة واسعة ترى أن ما يحدث ليس مجرد خلل إداري، بل أزمة ضمير.

وفي خضم هذا الغليان الشعبي، يتكرر السؤال ذاته في كل تعليق وتغريدة: هل تعلم الجهات الرسمية في السلطة الفلسطينية بما يجري داخل شركة توزيع الكهرباء؟ وعلى أي أساس قانوني تُحوّل بنية تحتية عامة، بُنيت من أموال الناس، إلى مصدر ربح خاص؟ بالنسبة للمواطنين، بات الصمت موقفًا، وباتت الكهرباء حقًا مسلوبًا، لا خدمة عامة، فيما يستمر الغضب بالتصاعد بانتظار محاسبة غائبة.

زر الذهاب إلى الأعلى