أقلام

هل تُخفف مبادرة «اللحوم المُخفضة» من وطأة الحرب في فلسطين؟

مع حلول عيد الأضحى المبارك، وفي ظل ظروف اقتصادية ومعيشية هي من بين الأصعب في تاريخ الشعب الفلسطيني، أعلنت وزارة الاقتصاد الوطني في الحكومة الفلسطينية عن قائمة أسعار رسمية للحوم، تشمل تحديد سقف أعلى لأسعار اللحوم الطازجة والمجمدة، في محاولة واضحة للتخفيف من العبء المالي الذي يثقل كاهل المواطنين، والحد من تغول الأسعار في الأسواق.

وفقًا لما أعلنته الوزارة، فقد تم تحديد الأسعار على النحو التالي، لحم الضأن الكامل بـ 80 شيكلًا للكيلوغرام الواحد، ولحم الضأن المقطع بـ 85 شيكلًا للكيلوغرام، ولحم العجل بـ 65 شيكلًا للكيلوغرام، وكذلك اللحم المجمد بـ 35 شيكلًا للكيلوغرام.

هذه الأسعار، التي تم تحديدها بعد دراسة دقيقة للسوق والتكاليف، وجاءت كخطوة ضمن جهود أشمل تقوم بها الحكومة الفلسطينية لدعم المواطنين، لا سيما مع استمرار الحرب في قطاع غزة، وصعوبة تدفق المساعدات، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، والانهيار شبه الكامل للبنية التحتية والخدمات الأساسية.

ويأتي عيد الأضحى هذا العام في وقت يعيش فيه الفلسطينيون، لا سيما في قطاع غزة، واحدة من أقسى الأزمات الإنسانية والاقتصادية في تاريخهم الحديث، فالحرب المستمرة منذ أشهر خلّفت وراءها آلاف الشهداء والجرحى، ودمارًا واسعًا في المنازل والمستشفيات والمدارس، ناهيك عن الانقطاع شبه الكامل للكهرباء والمياه، ونقص الغذاء والدواء، والتشريد الجماعي.

وفي مثل هذا الواقع، يصبح مجرد التفكير في الاستعداد للعيد رفاهية لا يقدر عليها كثير من الأسر، ولذلك، فإن تدخل الحكومة لضبط أسعار المواد الأساسية، وعلى رأسها اللحوم، يُعد خطوة ضرورية ومطلوبة للحفاظ على الحد الأدنى من الأمل والكرامة لدى الناس.

ولاقى هذا الإعلان ترحيبًا واسعًا في الشارع الفلسطيني، خاصة في الضفة الغربية وبعض مناطق قطاع غزة التي تمكنت من العودة التدريجية للأسواق، ففي ظل الغلاء المنتشر وفرت الحكومة اللحوم بأسعار مناسبة كنوع من مساعدة الأهالي على الاحتفال بالعيد.

ربما يكون تثبيت أسعار اللحوم ليس مجرد قرار اقتصادي، بل يحمل أبعادًا اجتماعية وإنسانية ووطنية، فالحكومة ترسل رسالة واضحة بأنها تقف إلى جانب المواطن في كل لحظة، حتى في أقسى الظروف، فهي محاولة لتعويض شيء من الفرحة المفقودة، وللتأكيد على أن العيد لا يزال حاضرًا في وجدان الناس، رغم كل ما يحيط بهم من دمار ومعاناة.

وفي ظل ضعف المساعدات الدولية وصعوبة دخول الإغاثات، خاصة إلى غزة المحاصرة، فإن الخطوات المحلية التي تتخذها الحكومة الفلسطينية تصبح بالغة الأهمية، فهي مبادرات صغيرة في حجمها، لكنها كبيرة في أثرها، تعزز من تماسك المجتمع وصموده.

وتبقى المسألة الأهم الآن هي ضمان تطبيق هذه الأسعار فعليًا على أرض الواقع، خاصة في ظل وجود بعض التجار ممن قد يستغلون ضعف الرقابة أو الحاجة الماسة للناس لفرض أسعار غير عادلة، وهنا، تؤكد وزارة الاقتصاد أنها ستنفذ حملات تفتيش ومتابعة مكثفة لضبط الأسواق، وستتخذ إجراءات قانونية بحق المخالفين.

كما دعت الوزارة المواطنين إلى الإبلاغ عن أي تجاوزات في الأسعار، من خلال الخطوط الساخنة التي أُعلن عنها، وذلك لضمان تنفيذ القرار بشكل فعلي وتحقيق الهدف المرجو منه.

ربما قد لا يكون عيد الأضحى هذا العام عيدًا تقليديًا، فالحرب ألقت بظلالها الثقيلة على كل تفاصيل الحياة، لكن الفلسطينيين أثبتوا دومًا أنهم قادرون على الاحتفاظ بالأمل وسط الركام، وبأن روح العيد لا تموت حتى في أحلك الظروف، وربما ما فعله القرار الحكومي بتثبيت أسعار اللحوم، هو تذكير للجميع أن العيد ما زال ممكنًا، وأن التضامن الوطني لا يزال حيًا، وأن الحكومة رغم كل شيء تحاول أن تكون إلى جانب الناس.

أمينة خليفة

زر الذهاب إلى الأعلى