آخر الأخبار

تحقيق صادم لمعركة “زيكيم”: انسحاب غولاني وفشل أمام هجوم حماس

كشف تحقيق الجيش الإسرائيلي في المعركة التي دارت على شاطئ وكيبوتس زيكيم عن تفاوت كبير في الأداء بين قوات الجيش الإسرائيلي وأفراد فرقة الحراسة في الكيبوتس. فقد أظهر التحقيق أن أداء جنود الجيش كان ضعيفا وأسهم بشكل مباشر في النتائج الدامية التي شهدها الشاطئ.

في المقابل، قال التحقيق إن فرقة الحراسة في الكيبوتس تميزت بسرعة الرد وحسن التنسيق، مما حال دون وقوع خسائر داخل المستوطنة، إذ لم يتمكن أي من المقاتلين الفلسطينيين من اختراق الكيبوتس أو تنفيذ أي عملية اختطاف داخله، بحسب التحقيق.

أما القتيل الإسرائيلي الوحيد في المعركة، فكان مدنيا – وهو عنصر من جهاز الشاباك – قتل في اشتباك مع المقاتلين الفلسطينيين أثناء مروره في طريق قريب من موقع المواجهة.

ووصف التحقيق أداء الجيش الإسرائيلي بأنه “فشل أخلاقي ومهني هائل”. وقد أشار الجيش إلى أن الجندي في مثل هذه المواقف يتوقع منه أن يتقدم ويضحي بحياته إذا لزم الأمر، من أجل حماية المدنيين وفصلهم عن المسلحين.

وكشف التحقيق أن قائد القطاع البحري تجنب كارثة أكبر عندما قرر التحرك بقواته خلافا للتعليمات، رغم التخلي عن قيادة العمليات في اللحظات الحرجة. كما لعب المراقب وفريق التنبيه المدني دورا حاسما في منع غزو للكيبوتس، حيث تصدوا للمهاجمين في الوقت المناسب.

وأظهر التحقيق وجود تباين مقلق في طريقة تناول الأحداث بين مستوطنة “نتيف هعسرة”، القريبة من شاطئ زيكيم، وبين ما جرى على الشاطئ وفي كيبوتس زيكيم، حيث تم عرض نتائج التحقيق على الصحافيين في وقت سابق من الأسبوع، وكشف عنها للرأي العام اليوم الأحد.

في كلتا الحادثتين، لم يكن هناك تفوق عددي ملحوظ، بل كانت المواجهات متكافئة من حيث العدد بين مقاتلي الجيش الإسرائيلي ومقاتلي وحدة النخبة التابعة لحركة حماس الذين نفذوا الهجوم.

ومع ذلك، كانت القوات الإسرائيلية محدودة العدد وتحت قيادة ميدانية ضعيفة، حيث تولى زمام الأمور قائد فرقة تواصل مع جنوده عبر جهاز لاسلكي، واتخذ قرارات عملياتية خاطئة على الأرض.

وبحسب التحقيق، تميزت هذه القيادة الميدانية بسلوكيات اتسمت بالتراجع وعدم المبادرة إلى الاشتباك المباشر مع المقاتلين الفلسطينيين، ما أدى إلى أداء عسكري ضعيف لم يرتقِ إلى مستوى التحدي، سواء في “نتيف هعسرة” أو على شاطئ زيكيم.

في كلتا الحالتين، كشفت التحقيقات عن إخفاقات مبكرة صادمة، لم تكن ناتجة عن أداء الجنود في الميدان، بل تعود إلى الضباط المسؤولين عن القطاع، وخصوصا أولئك التابعين للواء الشمالي في فرقة غزة . ورغم حجم الفشل، لم تتم محاسبة أي من القادة، ولم يُتخذ بحقهم أي إجراء تأديبي أو إداري.

ومن بين ما تم الكشف عنه في تحقيق معركة شاطئ زيكيم، أن التعليمات التي صدرت لقائد السرية المسؤولة عن القطاع كانت مثيرة للدهشة، إذ طُلب منه، في حال حدوث إنذار، أن يغادر مقر السرية ويتجه مباشرة إلى الملجأ، ما يعكس مستوى الارتباك وضعف الجاهزية في صفوف القيادة.

وهكذا، طوال تسع دقائق حاسمة أعقبت بدء الهجوم المفاجئ في الساعة 6:29 صباحا من يوم 7 أكتوبر، وهي فترة قصيرة زمنيا لكنها حاسمة ميدانيا، غاب الجندي المسؤول عن تلقي الاتصالات اللاسلكية ونقل المعلومات الحيوية.

فقد كان من المفترض به تلقي البلاغات حول ما يجري في الميدان، والإبلاغ عن التسللات، وتنسيق التواصل بين الكتيبة والوحدات المختلفة، لكنه لم يكن في موقعه داخل مقر السرية… بل كان مختبئا داخله، عاجزا عن أداء دوره في لحظة فارقة.

وأظهرت تحقيقات الجيش الإسرائيلي أن السرية نفسها التابعة للواء غولاني كانت متورطة في الحادثتين، حيث تعمل تحت قيادة الكتيبة المدرعة 77. وقد شابت هذه القضايا إخفاقات واضحة منذ بداياتها.

أثناء المعارك التي خاضها اللواء الشمالي ضمن فرقة غزة، ارتكبت أخطاء إضافية، كان من أبرزها حادثة تمثلت في نسيان جثث سبعة جنود إسرائيليين داخل ملجأ على الشاطئ لمدة أسبوع كامل، وذلك بعد أن قُتلوا نتيجة استهدافهم بقاذفة قنابل وإطلاق نار كثيف.

ورغم هذه الإخفاقات، لم يتخذ الجيش الإسرائيلي أي إجراءات عقابية ضد الضباط المسؤولين، وذلك بقرار مدروس ووفقاً للنهج الذي تبناه رئيس الأركان السابق، هرتسي هاليفي.

ويشار إلى أن العديد من هذه الإخفاقات تم كشفها في وقت مبكر بعد الهجوم المفاجئ، إلا أن الضباط الذين أهملوا في البداية، هم أنفسهم من قادوا لاحقا العمليات الميدانية في غزة وتولّوا مهام الدفاع عن مواقع الحصار.

ومن بين أكثر اللحظات التي سلط عليها التحقيق الضوء في حادثة شاطئ زيكيم، برز مشهد مروّع بشكل خاص، حين أقدم ستة مقاتلين من لواء غولاني على مغادرة موقعهم في موقف سيارات قرب الشاطئ، قبل أن يتراجعوا ويهربوا فعليا بعد أن رصدوا نحو عشرة مقاتلين من حركة حماس على مقربة منهم، لا تفصلهم سوى عشرات الأمتار.

أوضح الجيش الإسرائيلي أن جنود لواء غولاني كان يفترض أن يشكلوا حاجزا يفصل بين مقاتلي حماس والمدنيين الذين احتموا في المراحيض والملاجئ على الشاطئ. إلا أن انسحاب الجنود من موقعهم سمح لمقاتلي وحدة النخبة التابعة لحماس بتنفيذ هجوم دموي، أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 14 إسرائيليا من أصل 17 كانوا في المنطقة.

وأشار الجيش إلى أن الجنود لم يبدوا الشراسة المتوقعة منهم في مثل هذه الظروف، واعتبر ذلك إخفاقا كبيرا، إذ يفترض بالجنود في مواقف كهذه أن يواجهوا العدو ويتقدموا في القتال، حتى وإن كان الثمن حياتهم.

أشار الجيش الإسرائيلي إلى أن مقاتلي وحدة النخبة استغلوا انسحاب عناصر وحدة غولاني للاستيلاء على مركبة سافانا التي تركوها خلفهم، ثم استخدموها للتوجه إلى كيبوتس زيكيم.

لكن مراقبا من البحرية رصد الحادثة بسرعة واتخذ إجراءات فورية، حيث قام باستدعاء قائد كيبوتس زيكيم الذي تفاعل فورا مع الوضع، مجهزا أعضاء فريقه المجهزين والمسلحين بشكل جيد في مواقع قتالية حول الكيبوتس.

وفي وقت لاحق، تمكن أحد مقاتلي الفريق من التعرف على مركبة السافانا القادمة، فبادر ب فتح النار على المهاجمين بعد أن لاحظ أن أحدهم كان يحمل قاذفة آر بي جي.

زر الذهاب إلى الأعلى