“تجمع الداتا”.. تفاصيل تكشف عن الشركة الموزعة لمساعدات غزة

شهد مركز توزيع المساعدات التابع لـ”مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة أميركياً في غرب مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، حالة من الفوضى، أمس الثلاثاء، مع تدفق آلاف الفلسطينيين للحصول على المعونات في ظل ظروف إنسانية متدهورة.
ويأتي ذلك بعد أيام من تخفيف الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض منذ مارس الماضي، والذي أدى إلى نقص حاد في الغذاء والماء والوقود والدواء.
ورغم إعلان المؤسسة أن العمليات استؤنفت “بشكل طبيعي” بعد الحادث، إلا أن الانتقادات طالت شركة الأمن الأميركية الخاصة “سيف ريتش سوليوشنز” (SRS)، المسؤولة عن إدارة عمليات التوزيع، بسبب ما وُصف بـ”نقص في الكوادر وضعف في الاستعداد لمهام بهذا التعقيد”، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال.
شركة أمنية بمهام استخباراتية
وتبين من تقارير صحفية إسرائيلية وأميركية أن الشركة، التي تأسست في أواخر عام 2023، لا تكتفي بتوزيع المساعدات، بل تنفذ كذلك مهامًا استخباراتية، منها تشغيل حواجز، وجمع وتحليل بيانات من كاميرات وطائرات مسيرة وأقمار صناعية إسرائيلية بهدف تعقّب عناصر حماس، حسب ما كشفته صحيفة يديعوت أحرونوت.
وتفتقر SRS، بحسب مراسلات داخلية، إلى بنية تحتية متكاملة، ما يجعلها تعتمد على المعلومات المقدّمة من الجيش الإسرائيلي. وتُظهر تقارير من نيويورك تايمز وواشنطن بوست أن إسرائيل تقف فعليًا خلف مبادرة توزيع المساعدات، فيما تتولى الشركة الأميركية الدور التنفيذي، وسط محاولات لإخفاء هذا الرابط.
حملة توظيف عاجلة وتحركات ميدانية
أطلقت الشركة حملة توظيف في الولايات المتحدة لاستقطاب محللي صور واستخبارات، واشترطت أن يكون المتقدمون أميركيين سبق لهم العمل في وكالات مثل NSA وCIA أو ضمن وحدات عسكرية قتالية، مع التزام بالانتشار في غزة أو مدن إسرائيلية مجاورة مثل عسقلان وأشدود وبئر السبع.
ويجري تأمين دخول وخروج موظفي الشركة من غزة عبر حراسة مشددة ينفذها جنود سابقون، وتشير تقارير إلى أن العاملين يتقاضون ما يصل إلى 1000 دولار يوميًا.
مؤسسة مثيرة للجدل ورفض أممي للتعاون
تعمل SRS إلى جانب “مؤسسة غزة الإنسانية” (GHF)، وهي منظمة سويسرية غير ربحية حديثة التأسيس، لا تملك خبرة سابقة في العمليات الإنسانية، لكنها تلقت دعمًا من إسرائيل والولايات المتحدة. ومع ذلك، رفضت الأمم المتحدة وعدد من الدول ووكالات الإغاثة الدولية التعاون معها، معتبرة أن المؤسسة تفتقر إلى الحيادية والمصداقية.
المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وصف مشاهد تدفق آلاف المدنيين إلى مركز التوزيع بأنها “مفجعة”، في حين وجّهت منظمات مثل “أكشن إيد” انتقادات حادة معتبرة أن “المساعدات تُستخدم كغطاء إنساني لاستراتيجية عسكرية تهدف إلى السيطرة ونزع الملكية”.
انتقادات لاختيار مواقع التوزيع
واجهت المؤسسة انتقادات إضافية بسبب اختيار مواقع توزيع غير آمنة، ما اضطر آلاف السكان إلى التنقل لمسافات طويلة للحصول على المساعدات، وهو ما تراه منظمات حقوقية انتهاكًا لمبادئ العمل الإنساني.
ورداً على ذلك، قالت المؤسسة إن “عدد المتجمهرين كان هائلًا ما دفع الطاقم إلى التراجع لتفادي وقوع إصابات والسماح بتوزيع المساعدات بشكل آمن”.
تأتي هذه التطورات وسط تصاعد الجدل بشأن خلط العمل الإنساني بالأجندات السياسية والعسكرية، في وقت تشهد فيه غزة واحدة من أسوأ الأزمات في تاريخها، فيما يظل المدنيون الضحايا الأبرز لهذا التعقيد.